
Pourquoi la psychopédagogie ?
Serge Boimar.
ترجمة :يوسف العزوزي.
منذ 1925 أثار “فرود” في كتابه ” حياتي و التحليل النفسي” إمكانية استفاذة الأطفال من معالجة تجمع البعد التحليلي و الطرق البيداغوجية :” لا يزال أعداء التحليل موجودون، و لا أعرف كيف يمكنهم منع هؤلاء المحللين النفسيين من ممارسة أنشطتهم ؟”.
بعد ذلك تكاثر عدد البيداغوجين و المحللين النفسيين الذين اهتموا بهذا التحالف الرامي إلى مساعدة الأطفال في وضعية الصعوبة ك Ernst Schneider و Occard Pfister و Anna Freud. و غيرهم.
ارتبطت السيكو-بيداغوجيا أيضا بتاريخ المراكز الطبية النفسية البيداغوجية (CMPP) التي اقترحت علاج الأطفال و المراهقين الذين يعانون من صعوبات نفسية أو مدرسية أو لغوية أو سلوكية..
يحلل الأخصائي السيكوبيداغوجي صعوبات التعلم و يقترح حلولا ترتكز على مقاربة شمولية لصعوبات الأطفال، هكذا تختلف السيكو-بيداغوجيا عن البيداغوجيا لأنها لا تكتفي بتطوير النتائج المدرسية بل تعتمد على التدخل السيكولوجي و بالتالي العلاجي.
السيكوبيداغوجيا أداة علاجية قديمة لأطفال اليوم:
أُسس مركز Claude Bernard سنة 1946 على فكرة تحالف يجمع بين البيداغوجي و المحلل النفسي، يهدف إلى تقديم الدعم للمراهقين الذين كانوا يواجهون صعوبات استئناف الدراسة بعد مرحلة اضطرابات الحرب. و ارتبطت الفكرة في تصور المؤسسين باعتبار صعوبات التعلم قبل كل شيء أعراضا لخلل في التكيف، لا يمكن معالجتها دون الأخد بعين الاعتبار لشخصية الطفل في كليتها، هكذا تم التمهيد لطريق السيكوبيداغوجيا.
بعذ ذلك تغيرت ظروف العيش بشكل ملحوظ و أصبحت تربية الأطفال تواجه تنظيمات جديدة للأسرة لم يعد بإمكان الأطفال أنفسهم معرفة مصدر السلطة بها.
و لم يعد على المدرسة أن تتكيف فقط مع ثورة تقنيات التواصل بل وجب عليها تعلم التعامل مع تلاميذ أمام مهمات اكتسابات جديدة و هم غير مستعدين لمواجهة إمكانية إحباط الفشل.
أدت نتائج هذا التطور إلى ارتفاع الطلب على مركز Claude Bernard و في أولى الزيارات عبر خمسة أرباع الآباء عن قلقهم من الصعوبات التي يواجهها أبناءهم في التعلم.
كيف نتعلم إذن إذا لم نتمرن في تجاربنا التربوية على تحمل الانتظار و التغيير؟ كيف نغامر بالتفكير إذا كنا لا نتحمل الخصاص و الوحدة؟
بدون هذه الكفايات النفسية الأساسية و غيرها فإن مواجهة الشك توقظ أفكار الإحباط و احتقار الذات و الاضطهاد.. و ستعمل هذه الأفكار المشوهة على إعاقة العمل الاعتيادي للتفكير السليم و تثير سلوكات تزعج المدرسين.
بدون شك يتعلق الأمر بباطولوجيا جديدة..، فمنذ إنشاء المركز ، و الإختلالات الوظيفية المتزايدة المصرح بها من طرف الآباء تنبعث بفعل ضغط إكراهات التعلم. و رغم اختلاف باطالوجيات الإختلالات الوظيفية فإن الزبناء ينخرطون في المركز لأسباب تندرج ضمن نفس جدول أعراض اضطرابات السلوك.
و لكسب رهان ممارسات المراكز الطبية النفس-بيداغوجية CMPP لا بد من تسليط الضوء على الحدود و الإمكانيات الممكن استعمالها لتجاوز الصعوبات، و كيفية استهلال تقديم الدعم النفسي لأشخاص تسربت معاناتهم مع التعلم إلى دواخلهم.
كيف نؤسس لعلاقة علاجية مع أولئك الذين لا يقدمون أي منتوج شخصي في الكلام أو في الرسم أو في اللعب.. أو أي نشاط يكفي لبدء تدخل نفسي.
و حتى الآن قد لا تقدم لائحة المساعدات التأهيلية التي تتوفر عليها المراكز (CMPP) حلولا ناجعة لأنها قد لا تقدم بدائل جيدة، و لأن بعض ما تقدمه يرفضه هؤلاء الأطفال رغم ثقتهم بالمركز و طلبهم للمساعدة، فنجدهم سيريعي الانفعال و النوم رغم إبدائهم الرغبة في التعلم و تجاوز تعثراتهم، نلاحظ انهم لا يستمعون و ينسون ما تعلمون بحصة في حصة لاحقة.
السيكو-بيداغوجيا أداة علاجية تتجاوز التخصصات :
لكسب هذا الرهان يلتقي أساتذة و مقومي نطق و أخصائيين نفسيين و أخصائيين نفس-حركيين بمركز Claude Bernard كل أسبوع لمدة 20 سنة. و أسمَوا أنفسهم مجموعة السيكو-بيداغوجيين Psychopédagogues يجتمعون مرتين في الشهر مع المحليين النفسيين psychanalystes يُغَدون نقاشهم من موائد العمل السريري اليومي.
و يمكن لأعضاء هذه المجموعة أن يكتشفون أن تخصص أي منهم قد يعجز منفردا في اجتراح الحل، و يحتاج إلى كفايات علاقاتية و إبداع دائم. فماذا يفعلون لمن لا يطلب شيئا؟ و ماذا نقترح على ذلك الذي ينغلق داخل قوقعة صمته؟كيف نطور علاقة مع من يبادر بالعنف لأتفه الأسباب؟
للإجابة على هذه الوضعيات قد تسمح مرونة الأخصائي السيكو-بيداغوجي و انفتاحه على المعالج النفسي و التقني في التأهيل لضرب موعد مع الحلول الملائمة.
الأزمنة الثلاثة للمعالجة السيكو-بيداغوجية:
الحكاية أو اللعب أو الجماعة أو الكتابة أو الجسم أو الرياضيات أو الفلسفة.. يمكن لأي منها أن تشكل منعطفات للاختيار، بحثا عن ذلك الاهتمام الأكثر استحوادا على الفضول الأولي للتركيز على القوانين و القواعد التي تنظم المعارف.
فمن أجل السيكو-بيداغوجي إذن تتعلق المرحلة الأولى بالنجاح في بناء جسر بين موضوع فكري و رغبة في المعرفة مشبعة بالتمركز حول الذات لتقبل الابتعاد عن المخاوف الشخصية.
إذن عندما نجد موضوع الاهتمام الأول فإن غنى هذا الحامل الوسيط يمنح نفسا ثانيا للعمل السيكو-بيداغوجي، و يسمح أخيرا لهؤلاء المراهقين أو الأطفال بإعطاء معنى و شكلا ووضع سيناريو لما يقلقهم و يشغلهم.
و يصبح اللعب أو الصورة أو الحكاية أو التاريخ أو المجاز…. حليفا في اقتحام المرحلة الثانية، تلك المتعلقة بالمصالحة مع العالم الداخلي.
أما ولوج المرحلة الثالثة فيتم من خلال تأمين و إغناء رصيد الثمثلات لمساعدة أولئك الذين لم يتمكنوا من الخروج من زمن الجمود بسبب التفكير السلبي. و في هذه اللحظة سيتمكن المعالج أن يستعمل عدته الخاصة و تخصصه و تقنياته و قواعده لوضع معالم و اقتراح المعرفة و صياغة التأويل.. لفتح الباب و السير قدما في طريق المعالجة.
بدون شك وُضعت السيكو-بيداغوجي في مسارات سيتم استثمارها في السنوات اللاحقة. و التحقت أجيال جديدة من السيكو بيداغوجيين les psychopédagogues بالمراكز يتوفرون مسبقا على تكوين إما كمدرسين أو مؤهلين أو أخصائيين نفسيين.. و من البديهي أن يعملوا مجتمعين على تجديد أشكال و أدوات هذا النوع من المعالجة لكن ستبقى أولوياتهم هي نفسها: مساعدة الأطفال و المراهقين على خلق روابط بين الداخل و الخارج ليتمكنوا من التفكير و التصرف بشكل سليم.
المرجع:
Pratiquer la psychopédagogie
DUNOD 2019