
علم الصيدلة و العلاج المعرفي السلوكي؛ 1/2: اضطرابات القلق.
شارل بول
ترجمة :يوسف العزوزي.
شهدت عدة تجارب سريرية بنجاح العلاج الدوائي و (TCC) العلاج المعرفي السلوكي ” thérapie cognitive comportementale ” في معالجة عدد مهم من الاضطرابات النفسية، و حسب تقرير المنظمة الوطنية للصحة و البحث الطبي (بفرنساincerm) قَيم ثلاثة مقاربات علاجية، فإن العلاج المعرفي السلوكي اثبت نجاعته من خلال عدة تجارب سريرية و تحليلات إحصائية تهم الاضطرابات الآتية:
اضطراب الهلع مع أو بدون رهاب الأماكن.
الرهاب الاجتماعي.
القلق المعمم.
حالة التوتر بعد الصدمة.
اضطراب الوسواس القهري.
الاكتئاب بشدة ضعيفة أو متوسطة.
انفصام الشخصية(فيما يتعلق التأهيل النفسي-الاجتماعي)
اضطراب الشخصية الحدية Borderline إدمان الكحول.
الشره المرضى la boulimie.
و توجد قرائن نجاعة العلاج المعرفي السلوكي لاضطرابات أخرى كالاضطرابات الاكتئابية و القلقية عند الطفل و المراهق. بالنسبة لكل هذه الاضطرابات أكدت دراسات و تجارب سريرية نجاعة عدة أدوية “Molécules”.
و لا تزال عدة أسئلة مطروحة حول مدى نجاعة الأدوية و العلاج المعرفي السلوكي، فضلا عن ذلك؛ فإذا كانا فعلا ناجعين فلا واحد منهما يمكن أن نعتبره علاجا مثاليا متكاملا في عدة اضطرابات.
و في الواقع ؛نادرا ما تختفي كل الأعراض بعد العلاج الدوائي أو العلاج المعرفي السلوكي، و تفرض الحالات التي تقاوم العلاج الأحادي التوليف بين العلاج الدوائي و العلاج المعرفي السلوكي إما بالتوازي أو على التوالي.
يتعلق الأمر في هذا المقال فقط باضطرابات البالغين الذي أُثبتت بخصوصه نجاعة العلاج المعرفي السلوكي، و يقترح تسليط الضوء على النقاط الآتية:
نجاعة العلاج المعرفي السلوكي بالمقارنة مع العلاج الدوائي.
نجاعة العلاجات التوليفية(تشرك TCC و الأدوية)
النجاعة قريبة و بعيدة المدى ل TCC و الأدوية و التوليف بينهما.
للإجابة على هذه الأسئلة تم اللجوء إلى الدراسات الأساسية التي تم التحقق من صحتها إمبريقيا.
أولا : اضطرابات القلق(ثانيا اضطرابات المزاج في مقال لاحق)
تتفاوت درجات النجاعة في العلاج المعرفي السلوكي و العلاج بالأدوية بإستثناء الرهاب الخاص الذي يعتبر فيه العلاج المعرفي السلوكي اكثر نجاعة من العلاج بالأدوية.
1اضطراب الهلع و رهاب الأماكن :
نجاعة المدى القصير :
أثبتت عدة دراسات نجاعة العلاج المعرفي السلوكي على المدى القصير، كما أثبتت عدة دراسات نجاعة العلاج بالأدوية على المدى القصير،فيما يخص الهلع مع أو بدون رهاب الأماكن.
و أثبتت 43دراسة أن نجاعة العلاج المعرفي السلوكي افضل مقارنة بنجاعة العلاج بالأدوية في المدى القريب. واثبتت الدراسات ان العلاج التوليفي أفضل من العلاج الأحادي لكليهما على المدى القريب..
و قد قارن Marks et al نجاعة علاج توليفي بين العلاج المعرفي السلوكي و Alprazolam, و بين العلاج ب Alprazolam فقط لثمانية أسابيع، و تم التوصل إلى أن العلاج التوليفي أكثر نجاعة.
و في دراسة أخرى cottraux et al قارن من خلالها توليف TCC و Imipramine و العلاج Imipramine فقط ، و توصل إلى أن نجاعة العلاج التوليفي اكثر نجاعة من العلاج ب Imipramine فقط.
النجاعة على المدى البعيد :
أجريت عدة دراسات لتقييم النجاعة على المدى البعيد للعلاجات التوليفية مقارنة مع العلاج الأحادي، حيث توصلت دراسة Gould et al إلى أن نجاعة العلاج المعرفي السلوكي تفوقت على نجاعة العلاج التوليفي بين العلاج الدوائي و العلاج المعرفي السلوكي.
و توصلت دراسة Marks et al إلى أن التقدم الذي أحرزه العلاج المعرفي السلوكي حافظ على نجاعته كما أن التقدم الذي أحرزه التوليفية بينTCC و Alprazolam تراجع بعد 8اسابيع.
كما توصلت دراسة Cottraux et al إلى أن التقدم الذي أحرزه العلاج التوليفي حافظ على نجاعته لمدة سنة، لكن العلاج بTCC فقط، كان في البداية أقل نجاعة من العلاج التوليفي، لكن المرضى واصلوا تقدمهم مع TCC فقط إلى أن اصبحت النجاعة متكافئة بين TCC لوحدها و العلاج الدوائي.
و بالنسبة لدراسة Barlow et al فإن العلاج ب TCC وحدها أكثر دلالة من العلاج التوليفي باستعمال imipramine و TCC.
و أخيرا توصلت دراسة Heuzenroeder et al إلى أن العلاج المعرفي السلوكي ليس فقط العلاج الأكثر نجاعة و لكنه الأفضل من حيث نجاعة/تكلفة.
خلاصة:
العلاج المعرفي السلوكي و العلاج بالأدوية (antidépresseur tricyclique, antidépresseur de type SSRI, benzodiazepine, buspirone)
هما علاجان ناجعان على المدى القريب.
لايوجد اي اختبار أمبريقي يؤكد أفضلية نجاعة العلاج الدوائي أو العلاج المعرفي السلوكي على المدى القصير.
لاتوجد دلائل تثبت أفضلية العلاج الأحادي أو التوليفي في المدى القصير.
على المدى المتوسط و البعيد يمكن للعلاج المعرفي السلوكي أن يكون أكثر نجاعة من العلاج الدوائي.
على المدى البعيد تتراجع نجاعة العلاجات التوليفي مقارنة بالعلاج الأحادي ب TCC.
يجب أن يقوم اختيار العلاج على اعتبارات تفضيل و تحفيز المريض و الأعراض الجانبية و التكلفة و توفر أخصائي العلاج المعرفي السلوكي و تقبل المريض لمتابعة العلاج.
2 القلق المعمم:
النجاعة على المدى القصير:
توصلت الدراسات إلى نجاعة العلاج المعرفي السلوكي للقلق المعمم على المدى القصير، (ثلاثة أشهر)، كما أثبتت الدراسات نجاعة العلاج الدوائي للقلق المعمم.
توصل تحليل تلوي(يطبق الطرق الإحصائية) لShmitt et al إلى نجاعة عدة مضادات للاكتئاب (Imipramine, venlaxamine, paroxetine). و حسب مجلة Rickels et al فإن نجاعة العلاج الدوائي تظل محدودة بنسبة تعافي حول 40%.
و يبدو أنه لا يوجد فارق كبير بين العلاج الدوائي و العلاج المعرفي السلوكي حسب عدة دراسات.
كما توصلت دراسة Heuzenroeder et al إلى أن نجاعة العلاج المعرفي السلوكي تفوقت على العلاج الدوائي، مشيدة بأهميتها على مستوى علاج/تكلفة على المدى القريب.
النجاعة على المدى البعيد :
لازالت الدراسات جارية بخصوص مقارنة نجاعة العلاج المعرفي السلوكي و العلاج بالأدوية، و يُنتظر الإعلان عن نتائجها في السنوات المقبلة.
خلاصة:
العلاج المعرفي السلوكي و العلاج الدوائي(antidépresseurs de type SSRI, buspirone, benzodiazepine) ناجعين على المدى القريب.
لايوجد أي فارق بين العلاج المعرفي السلوكي و العلاج بالأدوية على المدى القريب.
لا يوجد أي دليل لتفضيل العلاج التوليفي على العلاج الأحادي على المدى القريب أو البعيد.
يجب أن يراعي اختيار العلاج تفضيل و تحفيز المريض و الأعراض الجانبية و التكلفة و توفر أخصائي العلاج المعرفي السلوكي.
3 حالة توتر ما بعد الصدمة :
توصلت عدة دراسات إلى نجاعة العلاج المعرفي السلوكي في علاج حالة التوتر ما بعد الصدمة. و فيما يتعلق بنجاعة العلاج الدوائي أشارت مجلةل: Stein et al نسبة إلى 35 دراسة إلى أن بعض الأدوية (مختلفSSRI) تقلص أعراض حالة توتر ما بعد الصدمة بالإضافة إلى الاكتئاب و الإعاقات المقترنة بالاضطراب.
وتفوق العلاج المعرفي السلوكي في نتائج دراسة van etten et Taylorمن خلال 41دراسة توصلت إلى الأعراض تخِف باستعمال TCC بما فيها EMDR (désensibilisation par mouvement oculaire et retraitement de l’information ) بالمقارنة مع العلاج الدوائي (antidépresseurs tricyclique, corbamuzepine, inhibiteur de monoamine oxydase)
لكن استعمال مثبطات امتصاص sérotonine كان أكثر نجاعة من العلاج المعرفي السلوكي بالنسبة للاكتئاب. و لا توجد أي دراسة لمقارنة العلاج التوليفي و العلاج الأحادي.
نجاعة المدى البعيد :
أشار Bradly Et AL إلى ندرة الدراسات التي تصل إلى ستة أشهر، و عدم وجود أي دراسة تصل إلى سنة من المتابعة. سواءا بالنسبة للعلاج الدوائي أو العلاج المعرفي السلوكي. و حسب نفس الدراسة فإن نجاعة العلاج الدوائي على المدى البعيد قد يعرف انتكاسة بعد التوقف عن استعمال الدواء.
و أوضحت دراسة ل Davidson et al بأن خطورة الانتكاسة بعد علاج دوائي (12أسبوع) ب:Sertraline مضاعفة اربع مرات بالمقارنة مع مرضى يتناولون placebo في مرحلة متابعة تصل إلى 28 أسبوع.
و حسب دراسة ل Tarrier et al فإن التقدم الذي ب يحرزه العلاج المعرفي السلوكي قد تدوم نجاعته لمدة سنة.
خلاصة :
تظهر نجاعة TCC و العلاج الدوائي في المرحلة الحرجة، أي في الثلاثة أشهر الأولى. و لا توجد اية دلائل على أفضلية للعلاج المعرفي السلوكي على العلاج الدوائي أو العكس.
يقوم اختيار نوع العلاج على تفضيل و تحفيز المريض و الأعراض الجانبية و التكلفة و توفر أخصائي العلاج المعرفي السلوكي.
4: اضطراب الوسواس القهري
النجاعة على المدى القريب :
أبانت عدة دراسات عن نجاع TCCفي علاج اضطراب الوسواس القهري، كما ابانت عدة دراسات نجاعة العلاج الدوائي (لاسيما colmipramine و IRS) وحسب عدة دراسات لا يوجد فارق بين العلاج المعرفي السلوكي و العلاج الدوائي.
كما أبانت دراسة أخرى ل van balkon et al عن عدم وجود فرق بين العلاج التوليفي و العلاج الأحادي
النجاعة على المدى البعيد:
نادرة هي الأبحاث التي اهتمت بالمتابعة على المدى البعيد، و توصلت واحدة منها ل Oppen et al إلى عدم وجود فرق بين نجاعة TCC و fluvoxamine، حيث إن نصف المرضى واصلوا دواءهم طيلة 5 سنوات من العلاج التوليفي.
خلاصة :
العلاج المعرفي السلوكي و العلاج الدوائي (colmipramine, et antidépresseurs de type SSRI) ناجعان في المدى القريب.
لا توجد أية دلائل تثبت تفوق العلاج التوليفي على العلاج الأحادي.
يقوم اختيار العلاج على اعتبار تفضيل و تحفيز المريض و الأعراض الجانبية و توفر أخصائي العلاج السلوكي المعرفي.
يوصَى بالعلاج التوليفي في الحالات الخطيرة لاضطراب الوسواس القهري التي لم يُظهر فيها العلاج الأحادي أية نجاعة.
5الرهاب الاجتماعي:
النجاعة على المدى القريب :
أثبتت الدراسات نجاعة العلاج المعرفي السلوكي للرهاب الاجتماعي، كما أثبتت عدة دراسات نجاعة العلاج الدوائي للرهاب الاجتماعي (لاسيما بعض مثبطات امتصاص venlafaxine و Sérotonine.
النجاعة على المدى البعيد :
شكلت نجاعة العلاج الدوائي والعلاج المعرفي السلوكي على المدى البعيد موضوع عدة دراسات، حيث قارن Clark et al نجاعة TCC و العلاج الدوائي الذي يشرك la fluoxetine و التعرض “l’exposition” و آخر يشرك placebo و التعرض،. و أستمر العلاج 16اسبوعا متبوعة بثلاثة أشهر من أجل التثبيت.
احرز المرضى تقدما ملحوظا مع العلاجات الثلاثة لكن TCC كانت الأكثر نجاعة من fluoxetine مع التعرض و من placebo مع التعرض. كما توصلت نفس الدراسة إلى عدم وجود فرق بين التوليفي الأخيرين.
نحو استراتيجية جديدة للمعالجة:
اخيرا تم اقتراح استراتيجية جديدة للتوليف مع TCC في معالجة الفوبيا الاجتماعية في دراسة ل Hofman et al لدراسة نجاعة تناول 50mg من D-cycloserine ساعة قبل حصة التعرض لمشتكين من خوف الكلام أمام العموم.
بالمقارنة مع المرضى الذي تناولوا placebo قبل حصص التعرض. فأظهرت النتائج أن أولئك الذين تناولوا D-cycloserine قبل حصة التعرض أحرزوا تقدما مهما مقارنة المعنيين بالتجربة الأخرى.
تقوم هذه الاستراتيجية على تسهيل تبديد القلق باستعمال العلاج المعرفي السلوكي مع إعطاء مادة تتدخل في سيرورة التعلم. و بالتالي السماح لعلم الصيدلة من أجل. تيسير التعلم بالتعرض “l’exposition “في الفوبيا الاجتماعية.
خلاصة:
توصلت الدراسات إلى نجاعة العلاج المعرفي السلوكي و العلاج الدوائي( Benzodiazepine et antidépresseurs de type SSRI) على المدى القريب.
لا توجد اي دراسة إمبريقية تثبت تفوق نجاعة هذا العلاج عن الآخر، و لا توجد ايه أدلة تبين الفرق بين العلاج التوليفي و العلاج الأحادي.
يجب أن يراعي اختيار نوع العلاج تفضيل و تحفيز المريض و الأعراض الجانبية و التكلفة، و توفر أخصائي العلاج المعرفي السلوكي. ويُوصَى بالعلاج التوليفي في الحالات الخطيرة التي تبين أن العلاج الدوائي غير كاف.
6الرهاب الخاص:
لا توجد اية دراسة تثبت عدم نجاعة العلاج الدوائي المتعلق بهذا الاضطراب. إذ يمكن للعلاج الدوائي أن يتدخل لتسهيل التعلم أثناء معالجة الرهاب الخاص، حيث قارن Ressler et al نجاعة تناول D-cycloserine بالمقارنة مع من تناولوا placebo و هم يتابعون معالجة بالتعرض في الواقع الافتراضي من أجل رهاب المرتفعات “Acrophobie”. و أظهرت النتائج أن مستعملي D-cycloserine كانوا بحاجة إلى حصص للتعرض أقل من أولئك الذين تناول “placebo”.
خلاصة:
العلاج المعرفي السلوكي هو أول علاج مُستعمَل في الرهاب الخاص.
بعض الأدوية تتدخل في الوظائف المعرفية ك D-cycloserine من خلال تسهيل سيرورة التعلم المعنية بالتعرض إلى المثيرات المسؤولة عن الرهاب الخاص.