دور التربية العلاجية في التكفل باضطراب تشتت الانتباه و فرط الحركة


أوفيد فونطين و من معه
ترجمة :يوسف العزوزي (بتصرف)

ملاحظة : سأستعمل مصطلح “عميل” كمرادف لمصطلح” patient” تجاوزا لأي خلط بينه و بين مصطلح “مريض” في أفق نحت مصطلح يناسب التربة السوسيو ثقافية المحلية.

1تعريف :
التربية العلاجية للعميل Education thérapeutique du patient (ETP) كما حددتها منظمة الصحة العالمية سنة 1998 و تبنتها الهيئة العليا للصحة “HAS”: هي سيرورة مستمرة تتوخي مساعدة العملاء على اكتساب الكفايات التي يحتاجونها لحسن تدبير الحياة، مع مرضهم أو اضطرابهم المزمن و الحفاظ عليها .
تشكل التربية العلاجية للعميل منذ سنوات جزءا لا يتجزء من التكفل الكلي بالعملاء المصابين بالأمراض أو الاضطرابات المزمنة، و تندرج ضمن سيرورة مستمرة تشمل أنشطة منظمة منها؛ الدعم النفسي الذي يتوخى جعل العملاء واعيين باضطرابهم و مطلعين علي خصوصياته، و قادرين على تحمل مسؤولياتهم في التكفل المخصص لهم.
و حسب الهيئة العليا للصحة HAS فإن التربية العلاجية تشارك في الرفع من تحسين حالة العميل و ترفع من جودة حياته و جودة حياة أفراد أسرته الذين يمثلون بدورهم هدفا علاجيا أساسيا.

2كفايات الرعاية الذاتية و التكيف:

تتعدد الغايات الخاصة للتربية العلاجية للعميل و يمكن تقديمها كما يلي:

أ) اكتساب و دعم العميل لكفايات الرعاية الذاتية، و من بينها الحفاظ على الحياة، مع الأخد بعين الاعتبار للحاجيات الخاصة لكل عميل.
ب) تحريك أو اكتساب كفايات التكييف بالارتكاز على المعاش و التجربة الداخلية للعميل ضمن مجموعة أوسع من الكفايات النفسية-الاجتماعية. و تجدر الإشارة إلى أن برنامج التربية العلاجية يشمل هذين البعدين سواءا في تحليل الحاجات أو دافعية العميل و إدراكه لمقترح التربية العلاجية أو فيما يتعلق بالتفاوض حول الكفايات المستهدفة و اختيار مضمون الطرائق البيداغوجية و تقييم تأثيرها ،مع دعم كفايات الرعاية الآتية :
التخفيف من الأعراض.
الاخد بعين الاعتبار لنتائج المراقبة الذاتية و تكييف مقادير الأدوية، و بدء البرنامج العلاجي.
إنجاز العمليات التقنية للرعاية الذاتية.
إجراء تغييرات في أسلوب الحياة(التوازن الغدائي،الأنشطة البدنية…)
تجنب العقيدات الممكن تفاديها.
مواجهة المشاكل المرتبطة بالاضطراب.
إشراك المحيط في تدبير الاضطراب و معالجة انعكاساته.

و تتوزع الكفايات التربوية التي تستهدف التكيف كالآتي:

تعرف الذات و الثقة في النفس.
معرفة تدبير الانفعالات و التحكم في التوتر.
تنمية التفكير الإبداعي و المنطق النقدي.
تنمية الكفايات على مستوى التواصل و العلاقات البين-شخصية
اخد القرارات و حل المشاكل.
تحديد الأهداف المتوخاة و الاختيار.
ملاحظة و تقييم و تعزيز الذات.

3المساعدة تعني كذالك التربية:

يجب أن تكون التربية العلاجية لبنة أساسية في البناء الكلي للتكفل بالعميل و هذا يعني انها تأخد بعين الاعتبار احتياجاته الخاصة، اعتلالاته المرافقة Comorbidités ، هشاشته النفسية و الاجتماعية و الأولويات المحدد للتدخل.
و أوضحت الهيئة العليا للصحة ضرورة اقتراح التربية العلاجية للعميل سوءا كان طفلا أو وليا للأمر، أو مراهقا ،أو راشدا يعاني من مرض أو اضطراب مزمن ،كما يمكن اقتراحها أيضا لفائذة بعض أفراد أسرة العميل إذا كانوا معنيين بالمساعدة في تدبير الاضطراب. و ذلك في أي لحظة من تطور الاضطراب (إذا لم يتم اقتراحها سابقا أو لم تكن تحظ بموافقة العميل). و لا ينبغي لصعوبات التعلم و لا للوضع السوسيو اقتصادي أو المستوى التعليمي أو هشاشة فضاءالعيش أن يحرم العميل من التربية العلاجية.

4معايير جودة برنامج التربية العلاجية للعميل.

حددتها الهيئة العليا للصحة كالآتي:
تركز على العميل في شموليتها و تدعمه لاتخاد قراراته، مع الاحترام التام لتفضيلاته.
عملية مؤسسة على توصيات مهنية قائمة على تجارب العميل و أقاربه.
تهتم بالحياة اليومية للعميل و تراعي الأشكال الاجتماعية و السيكولوجية و البيئية المحيطة به.
تشكل سيرورة مستمرة، مكيفة مع تطور الاضطراب و أسلوب حياة العميل، لأنها تشكل جزءا من التكفل على المدى البعيد..
يشارك فيها أشخاص مكونين في التربية العلاجية و التقنيات البيداغوجية و العمل بالفريق و تنسيق الأنشطة.
الاعتماد على دعم حاجات محيط العميل (تشخيص تربوي) مبني على أولويات تعلم مُتفق عليها.
التأقلم مع الملمح الثقافي للعميل و احترام تفضيلاته و اسلوبه و إيقاعات تعلمه.
يتم تعريفها كأنشطة ومضامين منظمة في الزمان، تُنجز عبر عدة وسائل تربوية:(تقنيات التواصل المرتكزة على العميل من خلال حصص فردية /جماعية قائمة على مبدأ التعلم.
اعتماد تقييم فردي للتربية العلاجية و سيرورة البرنامج.

4 التربية العلاجية و TDAH توليفة بديهية.:

غالبا ما تستعمل التربية العلاجية لفائدة العملاء الذين يعانون من الأمراض المزمنة المعروفة كالسكري و الربو و ارتفاع ضغط الشرايين أو حتى الاعتلال العضلي Myopathie.
كما تستهدف هذه المقاربة الأشخاص الذين يعانون من الاضطرابات الذهنية التي تعمر طويلا، كاضطرابات المزاج و انفصام الشخصية التي تنعكس على الحياة اليومية للأشخاص و كل من يوجد في محيطهم.
و في السياق ذاته يعتبر تشتت الانتباه و فرط الحركة اضطرابا نمائيا مزمنا و حادا في بعض الأحيان، له تأثير سلبي على الحياة اليومية للطفل أو المراهق المعني به، كما ينعكس على تمدرسه و علاقاته الاجتماعية و جل محيطه لا سيما على مستوى جودة الحياة التي تتأثر سلبا، إذا كان التكفل متأخرا أو بأسلوب غير ملائم.
فالمعطيات المتوفرة تبين بأن الأشخاص ذوي TDAH معرضون لمشاكل جسمية دائمة السمنة، و الربو، والحساسية و السكر و ارتفاع الضغط الشرياني، و اضطراب النوم و الصرع….
كما أن الأشخاص ذوي TDAH. معرضون لاضطرابات مرتبطة باستهلاك العقاقير و الإصابة جراء الحوادث ، ضعف النتائج الدراسية، البطالة، الحمل بالنسبة للفتيات.
لذلك فإن التربية العلاجية تستجيب تماما لحاجيات العميل الحامل لاضطراب TDAH و محيطه لأنها تساهم في تحسين صحته في إطار تكفل متعدد الوسائط بهذا الاضطراب.

6بناء برنامج التربية العلاجية:

لتحديد المحاور الكبرى للمضمون التربوي للبرنامج، تم إنجاز بحث في الحاجيات، اعتمد على استبانة وُزعت على عينة تتكون من 100عميل مع أسرهم (تم اختيارهم بطريقة عشوائية) . و أثمرت نتائج هذا البحث الميداني تحديد الكفايات التربوية المرتبطة بالحاجات الخاصة للأسر كالآتي:

معرفة TDAH من أجل فهم أعراضه و استباق تطوراته.
تقبل TDAH و أعراضه.
تمكن العميل من الكلام عن TDAH، المرتبط به أو بإبنه.

تدبير “السلوكات المشكلة” المرتبطة بإنجاز الواجبات.
التمكن من تجاوز الصعوبات المرتبطة ب TDAH في الحياة اليومية.
رصد الخلافات و تنمية كفايات تسمح بتحسين العلاقات البين-أسرية.
التمكن من التحكم في الغضب.
استعمال الشاشات بأسلوب منطقي و آمن.
اتخاد قرار واضح فيما يتعلق باستعمال الدواء.

7إدماج التربية العلاجية في مسار العميل:

يمتد المسار التربوي لكل عميل على أربعة مراحل:
المرحلة الأولى؛ إجراء تشخيص تربوي:
التعرف على العميل و حاجاته و انتظارات و تفهمه لمقترحات التربية العلاجية.
فهم مختلف نواحي حياته و شخصيته، و تقييم إمكانياته و الاخد بعين الاعتبار لمطالبه،و مشروعه.
فهم اسلوب تصرفاته إزاء وضعيته، موارده الشخصية، الاجتماعية و البيئية.

المرحلة الثانية؛ تحديد برنامج شخصي للتربية العلاجية و أولويات التعلم :

إشراك العميل في صياغة الكفايات المستهدفة المرتبطة بمشروعه و استراتيجيه العلاجية.
التفاوض مع العميل حول الكفايات التي ستكون هدفا لتخطيط البرنامج الفردي.
إعلام العميل و مهنيي الصحة و الأخصائيين بالكفايات المتفق عليها بشكل لا لبس فيه.

المرحلة الثالثة؛ التخطيط و إنجاز حصص التربية العلاجية (فردي/جماعي/ بالتناوب) :

اختيار المضامين المقترح تقديمها في حصص التربية العلاجية و كدا الطرق و التقنيات التشاركية للتعلمات، ثم الشروع في إنجاز الحصص.

المرحلة الرابعة؛ تقييم الكفايات المكتسبة:

استعراض العميل لما تعلمه و فهمه و ما تعلم فعله أو إنجازه أو تطبيقه، و ما بقي إنجازه، و الطريقة التي تكيف بها.
اقتراح برنامج جديد بناءا على تقييم ما سبق
.
و يستلزم تنزيل البرنامج المقترح للأسر تنسيق الأنشطة التي يتدخل فيها عدة مهنيين ينشطونها كما يؤَمنون التواصل بين مختلف الفاعلين. هذا و يمكن اتخاد قرار التكفل بالشخص ذي TDAH بالاستفاذة من التربية العلاجية في اي مرحلة، إذ أن التأخير أو التأخر لا يعني الإلغاء.