
يوسف العزوزي : أستاذ مشرف على قاعة الموارد للتأهيل و الدعم بمديرية تازة.
تستوجب مستجدات التربية الدامجة الدخول في علاقة دينامية مع الأستاذة و المربين و أولياء أمور التلاميذ و تصميم جسر تواصل بين الفاعل التربوي التعليمي و العلوم العصبية و مختلف المستجدات العلمية ذات الصلة.، مع النأي بالنفس عن محاولة إثبات علمية هذا المنهج أو ذاك لأن هذا الدور من اختصاص هيئات علمية متخصصة، فالأهم هو استثمار الفهم العلمي و الاكتشافات الحديثة في تطوير المنتوج البيداغوجي و تكييفه مع خصوصيات المتعلمين و البحث في ملاءمة وضعيات التعلم.
أنا لست متخصصا في العلوم العصبية و لكنني أستاذ مشرف على قاعة الموارد للتأهيل و الدعم ، مهمتي تنسيق العلاقة بين ما يتعلق بمهنة البيداغوجي التربوي (أستاذ التعلمات الأساس) و مهنة الطبيب و الأخصائيين و الأخصائيين النفسيين على اختلاف ابعادهم العلمية، و في هذا السياق تبرز الحاجة إلى مواكبة آخر الأبحاث و العلوم ذات الصلة (العلوم المعرفية، علم الاجتماع التربوي ،علم النفس ، العلوم العصبية، علم النفس العصبي، علم النفس السلوكي ، تحليل السلوك التطبيقي علم النفس الايجابي…..)
مفاهيم قاعة الموارد 6 : إجراءات و تقنيات التأهيل
يشمل التأهيل مجموع المبادئ الإجراءات و التقنيات و الأشكال المعتمدة من أجل الاستدرك الكلي أو الجزئي لوظيفة معرفية عاجزة ، و يتأطر هذا الهدف من جهة حول استعادة الوظيفة المعرفية و من جهة أخرى بإرساء استراتيجيات بديلة للتعويض من خلال ثلاثة إجراءات أساسية للتأهيل.
الإجراءات الأساسية الثلاثة للتأهيل..
Les trois procédures principales de rééducation
1تطوير الوظائف العاجزة..
Amélioration des fonctions déficitaires :
تهدف الاستراتيجية الأولى إلى تطوير الوظيفة أو الوظائف المحددة في الحصيلة “bilan” الأولية، و يتعلق الأمر هنا بدعم إثارة، تكرار، تمرين بعض الأهداف المعرفية الخاصة مع اجتناب الإثارة المعرفية العامة.
2 حسن استخدام الوظائف المحفوظة.. L’optimisation des fonctions preservés:
ترتبط هذه الاستراتيجية بحسن استخدام الوظائف المحفوظة بمساعدة استراتيجيات تعويضية (compensatoire) كالاعتماد على الصورة الذهنية بالنسبة للأشخاص ذوي صعوبات الذاكرة أو استعمال القدرات التواصلية الغير اللفظية في وضعيات اللغة الشفوية.
3 ترتيبات المحيط..
L’aménagement de l’environnement :
لا يستهدف التدخل في هذا المحور الوظيفة العاجزة بل الحد من انعكاساتها و تأثيرها بالا عتماد على آليات تعويضية ذهنية أو معرفية، و تحدد هذه الاستراتيجيات في بداية التكفل” la prise en charge” حسب خصوصية المعني بالأمر و إكراهات المحيط ، و يساهم التحليل الدقيق للعجز الوظيفي المعرفي في رفع احتمالية تطوير هذه الاستراتيجيات.
المبادئ العامة للتأهيل..
Les principes généraux en rééducation :
بالموازات مع اختيار إجراءات التأهيل توجد مبادئ عامة للتأهيل المعرفي و تعود بالأساس إلى الأهداف الفرعية و العوامل الفاعلة في التأهيل و يمكن توضيح جانب منها من خلال مثال: المبادئ الأساسية للتدخل في تأهيل الأطفال الحاملين للاضطرابات الإنمائية.
مبادئ أساسية للتدخل في تأهيل حاملي الاضطرابات النمائية
principe clé lors d’une intervention en
langage
بناءا على الأهداف الإكلينيكية العامة المستعملة في خدمة الاضطرابات النمائية انبثقت لائحة المبادئ الأساسية الموجهة للتدخل كالآتي:
تكثيف الحصص.. Intensité des séances :
يتجلى تطبيق هذا المبدأ في إدراك أهمية وثيرة التدخلات (عدد الحصص في الأسبوع و عدد الساعات في الحصة..)
الانخراط النشيط.. L’engagement actif:
من أجل دعم اهتمام الطفل أثناء التدخل و ذلك برفع مستوى التحفيز و تجنب تحسيسه بالملل.
التغذية الراجعة.. Feedback :
الدعم الفوري لإنتاج الطفل.
التعزيز.. Renforcement :
ربط الإجابة الصحيحة بتابع إيجابي (مُعزز).
التكرار. Répétition :
منح عدة فرص لمعالجة الهدف.
الاعتماد على الممارسة الموزعة
.. Recours à la pratique distribuée :
تقطيع مراحل التمرين.
الخصوصية.. La spécifié :
ربط صعوبة التمرين و تعليماته بخصوصية الطفل، أي اعتماد تمرين مفردن.
مراقبةالتعقيد.. Contrôle de la complexité :
الانطلاق من المنطقة القريبة للمرحلة النمائية الذهنية zone proximale de développement) من أجل الأخذ بعين الاعتبار لقدرة الطفل لتحقيق الأهداف و التعلم بالمساعدة.
التقليل من الإجابات الخاطئة.. Minimiser les réponses erronées :
اعتماد تقنية التعلم بدون أخطاء.
الاشتغال بالخطاطة.. Travailler avec les schémas :
خطاطة ABC مثلا.
تقنيات و استراتيجيات التأهيل المعرفي..
Techniques et stratégies de la rééducation :
أظهرت عدة استراتيجيات و تقنيات نجاعتها في مجال التأهيل المعرفي و شكلت بذلك أساسا يعتمد عليه الأخصائيون المعالجون في بناء تدخلاتهم :
1. الممارسة المكثفة المتكررة:
يجب أن تكون الممارسة مكثفة بالقدر الكافي لتحقيق أهداف التأهيل على الأقل ثلاثة مرات في الأسبوع لتمكين الطفل من تخزين الاستراتيجيات المعتمدة في الحصص، و استئالتها لأن الاستئالة “l’automatisation “تنقص من الكلفة المعرفية، كما تسمح كثافة التكرار من مراقبة الإنجازات و تقدمها.
2. تفكيك المعلومة.. Réduction de l’information :
تقوم استراتيجيات التأهيل علـى تقليص حجم المعلومة أو تفكيكها لتصبح منسجمة مع القدرات الانتباهية و التنفيذية للطفل (التكييف) ، و تحقيقا لهذا الهدف يمكن للتدخل الاعتماد على الاستراتيجيات الآتية:
* يقترح المعالج على الطفل تفكيك المهام المعقدة إلى مهام بسيطة و سهلة للفهم.
*تبسيط التمارين و تكييف التعليمات (les consignes).
*اعتماد مؤشرات كتابية تساعد الطفل على معرفة ما أنجزه، و ما هو في طريق إنجازه.
*تنظيم المعلومات المقدمة للطفل و تفييئها من أجل تسهيل تخزينها.
3 التعلم بدون خطأ.. L’apprentissage sans erreurs :
التعلم بدون خطأ هو نوع من التعلم بالإشراط الفاعل( conditionnement opérant) لربح الوقت و تفادي إنتاج الخطأ و تفادي خلطه مع التعلمات الصحيحة، و تذهب نفس التقنية إلى اقتراح أنشطة متدرجة في الصعوبة لتفادي وضع المتعلم في وضعية الإخفاق أو الفشل.
4 التقليل من المساعدة.. Estompage de l’aide:
يتجلى التقليل من المساعدة الموجهة للطفل في الحد التدريجي من المؤشرات المساعدة المقدمة لتقييم تقدم التأهيل و تحقيق الاستقلالية.
5 التلفظ la verbalisation :
يتعلق الأمر هنا بتعلم التفكير بصوت مرتفع، و قد تم استعمال هذه التقنية بداية في مجال الاضطرابات التنفيذية لضبط الإجابات المندفعة بفضل التخطيط. و تستعمل هذه التقنية أثناء إنجاز المهام، إذ يتعين على الطفل وصف ما يقوم به، و بالنسبة لغير المتكلمين يمكن استعمال الصور.. “Pictogrammes “.
6 المرافقة الميطامعرفية.. L’accompagnement méta cognitives :
يتجلى البعد الميطا معرفي المطلوب في فهم الطفل لسيرورة معارفه الخاصة و كيفية اشتغالها و قد ميز pintrich بين ثلاثة أنواع من الميطامعرفة :
#المعارفة التي نملك عن قدرات اشتغالنا.
#المعارفة المميزة للمهمة.
#معارف الاستراتيجيات المحتملة لإنجاز مهمة.
و ترتبط الميطامعرفة بقدرة الضبط الذاتي و المراقبة ذات العلاقة بالوظائف التنفيذية التي تُيسر نمو المعارف العامة، سواءا تعلق الأمر بالطفل أو الراشد أو كليهما، إذ يجب أن يعرف كليهما خصوصية الاضطراب و نقاط القوة و نقاط الضعف و انعكاسات الاضطراب و الصعوبات اليومية المترتبة عنه، و هذا ما يشكل مدخلا لإشراك الشخص في إنجاح أهداف التأهيل. و إجمالا فإن المسار المعرفي يقتضي التصريح بالمهام المقترحة لتيسير فهمها و إنجازها.
7.التعزيز الإيجابي.. Le renforcement positif :
يقتضي التعزيز الإيجابي تقديم مُعزز مباشرة بعد إنجاز السلوك المطلوب، و يفترض في التعزيز الإيجابي الرفع من وتيرة هذا السلوك، و تستعمل هذه الاستراتيجية عادة في مجال العلاج المعرفي السلوكي.
8 تعزيز بعض المحاور لذى الطفل:
بالموازاة مع إرساء إستراتيجيات ناجعة للتأهيل المعرفي يجب تعزيز بعض المحاور المتعلقة بتنظيم واضح على المستوى الزماني و المكاني، فالقاعة المحتضنة للتأهيل يجب أن توفر الهدوء لتيسير التركيز و الاستقلالية بالإضافة إلى توفير وسائل مكيفة و إمكانية الولوج إلى مرافق النظافة.
مع إخبار الطفل بهدف الحصة و مدتها و استعمال محدد للوقت إذا لزم الأمر “time timer” و الحرص على خلق مناخ مُحفز. و يجب اقتراح الحصة بتوافق مع باقي المتدخلين، و الحرص على عدم إثقال كاهل الطفل ( surcharge ” و مزاوجة الحصص الفردية مع أخرى تستهدف تنمية الكفايات الاجتماعية و تعميم التعلمات…
أشكال التدخل المعرفي.
Les formats des interventions cognitives :
1. الوسائل و المحتوى.. Materiel et contenu:
أصبح استعمال البرامج الرقمية في مجال التأهيل المعرفي أكثر انتشارا في السنوات الأخيرة، و توفر هذه البرامج عدة إيجابيات كإمكانية تكييف مستويات الصعوبة مع القدرات الخاصة للطفل و تقديم التغذية الراجعة الفورية المتعلقة بإنجاز الطفل.
كما يسمح التقدم التكنولوجي بتوفير وسائل متطورة تسمح بالتفاعل مع شخصيات افتراضية، و يعرف سوق هذه البرامج الخاصة انتشارا كبيرا لأنه يستهدف فئة الأطفال بشكل عام، علما بأن الوسائل الرقمية المصادق عليها علميا محدودة. و يبقئ تعريض الأطفال للشاشات الذكية لفترات طويلة موضوعا يحتاج إلى تفكير حذر.
و بالموازاة مع التدخل الرقمي تمثل وسائل (الورقة – القلم) (papier-crayon) إيجابيات تسمح بتجاوز إكراهات سرعة المعالجة، كما تساعد الأطفال الحاملين لاضطرابات حادة.
و توجد ألعاب تربوية أخرى أخرجها مؤهلون مختصون بالإضافة إلى ألعاب البناء (construction) ، puzzle, و العجين……
2.المدة و الشدة… Durée et intensité :
تحتلف مدة و شدة التكفل حسب عدة متغيرات، فالبعض يقترح تمارين تمتد على بضع حصص في حين تمتد أخرى على أشهر و قد تصل إلى سنوات، و تختلف شدتها، و قد تصل إلى خمسة أيام في الأسبوع وقد تنزل إلى حصة واحدة لا يتجاوز غلافها الزمني ساعتين.
3. فردي أو جماعي.. Individuel ou groupal :
يمكن اقتراح التأهيل المعرفي في شكل مجموعات أو بشكل فردي، إذ يُؤَسس التأهيل الفردي على مقاس الطفل و خصوصيته المعرفية و صعوباته و حاجاته اليومية، كما يقترح التأهيل الفردي تمارين مكيفة حسب أسلوب تعلم الطفل و نقاط قوته و ضعفه.
فيما يسمح العمل داخل المجموعة للطفل بالتعرف على أقران يعانون من نفس الصعوبة، ما يساعد على خلق تعاون بين عناصر المجموعة و تقاسمهم الاستراتيجيات الخاصة التي يشتغلون بها لتجاوز العجز الوظيفي.
ومن بين سلبيات العمل الجماعي توحيد الأنشطة لأطفال قد يتشابهون في نوع الاضطراب لكنهم مختلفون في خصوصياتهم.
4. عام أو خاص.. Global ou spécifique :
تستهدف الوسائل التأهيلية المتاحة إما مسلسلا معرفيا خاصا و إما طيفا عريضا من التمارين المعرفية العامة.
و تقوم أهمية الوسائل العامة باستهداف مجموع الوظائف المعرفية التي يمكن استعمالها مهما كانت فروقهم الفردية.
لكن الأبحاث أثبتت بأن تمارين تأهيل وظائف الذاكرة المكررة الغير مُكيفة (العامة) لم تكلل بالنجاح، على عكس التكفل المعتمد على تقنيات و مناهج و استراتيجيات خاصة.
5.أشكال أخرى..
بالموازاة مع الأشكال التقليدية برزت أنواع أخرى للتكفل تقترح تنظيم مجموعات الآباء و الأمهات، مجموعات خاصة بتداول المعلومة حول اضطراب التعلم و المواكبة اليومية لمستجدات المؤتمرات العلمية و الموائد المستديرة و اللقاءات الجمعوية… و لو لم تكن هذه الأنشطة التحسيسية متعلقة بالتأهيل المعرفي إلا أنها تدعم عملية التكفل.
المرجع:
Rééducation cognitive chez l’enfant
.. Approche des neurosciences
ترجمة:يوسف العزوزي بتصرف
كل الشكر أجزاء وافدت استاذي الفاضل