تشخيص اظطرابات التعلم :معايير الاشتمال


 

يوسف العزوزي:
نجحت التربية الدامجة بالمغرب في خلق واقع جديد حول أستاذ القسم المدمج إلى مشرف على قاعة الموارد للتأهيل و الدعم و جعل من أستاذ القسم العادىي المستقبل لتميذ في وضعية الإعاقة أستاذا دامجا، كما خلق هذا الواقع حاجة إلى نفض الغبار عن العدة المنهجية و البيداغوجية والمفاهيمية و النظرية. حاجة امتدت إلى تسليط الضوء على مفاهيم منها اضطراب التعلم، في هذا السياق تأتي هذه المساهمة في تقريب المهتم من تصور الباحثة “ميشيل مازو” من معايير تشخيص الفريق الطبي للاضطراب، تعميما للثقافة العالمة في نقاش مستجدات التربية الدامجة.
و ترى “ميشيل مازو” أن تشخيص اضطراب التعلم DYS يستوجب ثلاثة معايير، يتعلق أولها بمعيار ديمومة الاضطراب، و ثانيها بمعيار شدة الاضطراب المحصل عليها عن طريق اختبار معياري، وثالثها وهو المعيار الأكثر دلالة لأنه يسلط الضوء على الفرز التمييزي  أو/و علامات الأعراض المرضية الواصمة” pathognomonique “.
معيار ديمومة الاضطراب:
تكمن أهمية معيار الديمومة في دوره في تمييز الاضطراب عن أي تأخر مقترن، قابل للاستدراك جزئيا أو كليا، و هذا يعني أن الاضطراب ثابت و مستقر حتى و إن كانت مضاعفات الأعراض الناتجة عنه قابلة التحسن. و تعني الديمومة أن الاضطراب موجود بشكل دائم، و إليه يعزى مسار النمو الخاص، و لا تتعارض هذه الديمومة مع الاكتشاف المتأخر للمشكل الذي يمكن أن لا يظهر إلا عندما يوضع الاضطراب على محك بعض التعلمات و يستمر في الكشف عن ذاته تحت وطأة الواجبات المدرسية.
معيار شدة الاضطراب :
يجب أن تخضع أولا الأعراض لإجراءات الموضوعية و التصديق لأن التصريح بها قد يكون انعكاسا لمتطلبات ذاتية حركها تأويل غير موضوعي من طرف الأسرة أو المدرس، ما يفرض اختبارا لتقييم شدة الاضطراب المتعلق بتصريح الأسرة ، و يعتبر هذا التقييم بداية لمسار تشخيص يتوخى الحصول على تقرير دقيق من طرف مؤسسة مؤهلة و قادرة على تحديد نوع التدخلات العلاجية المحددة وفق مشروع علاجي مكيف متوسط و بعيد المدى.
علامات إيجابية:
ترى ” ميشيل مازو” أن وجود هذه العلامات يدعم التشخيص و يشكل مرحلة أساسية في إنجازه، و تتوزع هذه العلامات إلى قسمين يتعلق الأول بالفوز التمييزي “Dissociations caractéristiques” و الثاني بالأعراض الواصمة للمرض”Pathognomonique”.
الفرز الداخلي في المجال المعرفي :
يتعلق الأمر بالفرز في مجال معرفي محدد على اعتبار وجود أنظمة فرعية عاجزة و أخرى سليمة (بشكل نسبي أو مطلق) على مستوى نفس الوظيفة المعرفية، و لا يمكن الحديث عن الفرز إلا من خلال معرفة الهندسة الداخلية الخاصة بكل وظيفة معرفية و ما يستتبع ذلك من تكييف للاختبار وفق معرفة هذه الهندسة، و يفرض على الطبيب التأكد من امتلاك بطاريات قادرة على اختبار كل نظام فرعي موجود على مستوى كل وظيفة معرفية.
و بالمقابل فإن غياب الفرز التمييزي في هذا المجال المعرفي أو ذاك حسب “ميشيل مازو” لا يلغي عملية التشخيص لأن الاضطراب قد يشمل كل الأنظمة الفرعية في مجال معرفي، و في هذه الحالة فإن شدة الاضطراب و/أو المميزات النوعية تسمح بالتشخيص.
مقابلة إنجازات مع نفس المهمة وفق تقديمها:

بعض عمليات الفرز غير قابلة للقياس الكمي و غير مرتبطة بنتائج رقمية و لا بعلامات اختبار معيرة لأنها نتيجة لاستراتجية نوعية خاصة بفحص علم النفس العصبي، تشتغل على عزل مكون معرفي عن وظيفته من خلال المبدأ الآتي:
عندما يفشل الطفل في المهمة (أ) يقترح الباحث في علم النفس العصبي مهمة(ب) تستدعي نفس الوظائف المعرفية بإستثناء واحدة، ما يضع النتائج أمام ثلاثة احتمالات:
*إنجاز التلميذ لم يتغير، فنستنتج أن الوظيفة المستثناة ليست سببا.
*ينجح التلميذ في أداء المهمة فنستنتج أن الوظيفة المعرفية المستثناة هي التي يعتريها القصور و هي المسؤولة عن فشل المهمة السابقة.
* المساعدة الهادفة غيرت إنجاز التلميذ، ما يمكن الطبيب من فهم تأثير طبيعة المساعدة على تحسن الأداء و حصر الخلل الوظيفي.

العلامات التمييزية:
بعض الاضطرابات تتمظهر من خلال علامات تمييزية خاصة لا نصادفها في الدليل الاعتيادي لنمو الطفل و هي محددة(بضم الميم) للتشخيص، يصفها البحث المنهجي بأنها علامات الأعراض الواصمة للمرض “Pathognomonique ” و هي أساسية لأن الفحص “Bilan” الذي ميزته التعقيد يستدعي تدخل و تنسيق عدة فاعلين، و  لأن أي منهجية تشخيص مجتزأة قد تسقط في منزلق الخطأ.