
يوسف العزوزي: رئيس جمعية دعم التربية الدامجة و إعلام الحياة المدرسية /أستاذ مشرف على قاعة الموارد للتأهيل و الدعم بمديرية تازة
خصص دليل التربية الدامجة لفائدة الأطفال في وضعية الإعاقة الذي أصدرته وزارة التربية الوطنية فصولا تتعلق بأهمية التعبئة و المناصرة و التحسيس و التوعية حول التربية الدامجة ، معتبرا أن مخطط عمل تنزيل هذا برنامج يستلزم الانخراط الكلي لجميع الفاعلين و يتطلب نفسا طويلا و عملا ممنهجا يشمل الأفراد و الأسر و المديرين و الأساتذة و التلاميذ العاديين و أسرهم بغاية تغيير مواقفهم ووتمثلاتهم المعرقلة لتنزيل هذا المشروع الذي لم يكتف بوضع الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة على طاولات في أقسام مع أطفال آخرين بل توخى إحراز تحول نوعي في الاتجاهات و المواقف و التمثلات التي يحملها المجتمع عن هؤلاء الأطفال بعد أن ظلوا مقصيين بشكل أو بآخر من حقهم في تعلم مساو بتقنيات متكيفة.
لذلك كان من الضروري مصاحبة قوانين برنانج التربية بإجراءات اجتماعية تحسيسية كالتوعية و التعبئة الاجتماعية و الدعوة إلى المناصرة و التحرك الميداني الهادف إلى تغيير السلوك و يأتي هذا المقال تعزيزا لمجهودات وزارة التربية الوطنية و استجابة لطلب بعض الأسر التي تعاني من عدة إكراهات منها تعبير بعض الأساتذة عن تخوفهم من استقبال هؤلاء الأطفال معتبرين الأمر عبءا إضافيا يثقل كاهلهم.
و دفعت هذه المعطيات الميدانية التي تنبأ بها دليل التربية الدامجة الذي أصدرته وزارة التربية الوطنية إلى إنتاج تصور لتنظيم الحملات التوعوية التحسيسية و التعبئة الاجتماعية و المناصرة.
الحملات التوعوية و التحسيسية:
تحمل التربية الدامجة تصورا جديدا و ممارسة مختلفة عما اعتادته مؤسسات التعليم ببلادنا، إن هذا التصور البيداغوجي الجديد هو في واقع الأمر نضج سياسي و حقوقي و بيداغوجي و تحول يستدعي تغيير تمثلات و مواقف و اتجاهات لا ترتبط فقط بتمكين الأطفال في وضعية الإعاقة من التعلم في ظروف عادية بل يشمل مبادئ عدم الإقصاء و العيش المشترك و المساواة.
لذلك فإن مبررات تنظيم الحملات التوعوية حول التربية الدامجة يأتي حسب دليل التربية الدامجة أساسا من معطيين إثنين :
أولا: المعطى الأول يتجلى في كون الأحكام المسبقات الاجتماعية حول الأطفال في وضعية إعاقة في أغلب الأحوال تتجه نحو اعتبار تمدرسهم لا يشكل حقا و لا يمثل ضرورة، و مثل هذه الأحكام لا نجدها فقط لذى عامة الناس بل و أيضا لذى الكثير من الأسر و فئة عريضة المدرسين و المديرين.
ثانيا: المعطى الثاني يتعلق بكون التربية الدامجة تفرض تعلم هؤلاء الأطفال في أقسام عادية وهو أمر غير معتاد لأنهم ظلوا إما مقصيين من أي تعليم أو في أحسن الأحوال يجمعون في أقسام الدمج المدرسي أو مراكز طبية، و قد تكلست تصورات تقصيهم من ولوج الأقسام العادية التي لم تخلق لهم، وحسب نفس التكلس فإن هذا الإجراء سيشوش على تعلم الأطفال الآخرين.
الفئات المستهدفة من حملات التحسيس:
تستدعي التربية الدامجة الانخراط الواعي للعديد من الفاعلين، لأجل ذلك ينبغي لعمليات التحسيس أن تستهدفهم جميعا كون كل واحد منهم يشكل حلقة من سلسلة مترابطة.
طبيعة حملات التوعية حول خصائص التربيةرالدامجة:
تختلف طبيعة هذه الحملات من حيث موضوعها وخطاباتها و من حيث تقنايتها ووسائلها بحسب طبيعة الفئات المستهدفة، غير أنه بالرغم من هذه الاختلافات فجميعها تلتقي حول هدف واحد ووهو دعم مشروع التربية الدامجة.
التعبئة الجماعية من أجل التربية الدامجة شأن جماعي:
تهم التربية الدامجة جميع مكونات المجتمع المطالبة بالعمل على إنجاح المشروع، لكن أسر الأطفال ذوي الاحتياجات أكثر حاجة إلى هذا النجاح و بالتالي فهي المرشحة بتأطير الجمعيات الحقوقية و الموضعاتية كي تشكل النواة الصلبة لمثل هذه الحملات.
و يساهم التنسيق و التشبيك بين الجمعيات على تيسيير عمليات و حملات التحسيس. و على هاته الجمعيات أن تؤمن بألا أحدا يمتلك القضية لأنها ملك للجميع، و أن كل الآراء التي يمكن أن تخدمها مرحب بها، بحيث يصبح احترام الاختلاف و محاولة التوفيق محركا لهاته النواة الصلبة.
الدعوة إلى المناصرة:
عرف دليل التربية الدامجة الدعوة إلى المناصرة بكونها مجموعة من الأنشطة المنظمة و الموجهة التي يتم وضعها من أجل التأثير على السياسات و على أنشطة القادة السياسيين بغاية إحداث تغيير دائم و إيجابي.
و هكذا فإن القيام بالدعوة إلى المناصرة تستلزم فهما لعلاقات السلطة (من يقرر، على اي مستوى، وومن له القدرة على الضغط) و ذلك من أجل الدخول في اتصال مع أطراف السلطة و التأثير عليها من أجل إحداث التغيير المنشود إنجاحا لتنزيل برنامج التربية الدامجة.