8 مارس بنكهة علمية


لطالما احتلت المرأة مكانة مهمة في العديد من المجالات وخصوصا في مجال العلمي، حيث أصبحت منتجة وفاعلة في نمو وتطور البحث العلمي على المستوى العالمي.

يعتبر اليوم العالمي للمرأة (8 مارس) مناسبة للتأمل وتقييم المكتسبات التي حققتها في جميع المجالات وخصوصا في المجال العلمي، وأيضا لطرح الإشكاليات التي مازالت تعيق مسيرتها العلمية.

على الرغم من المبادرات العديدة من أجل تدعيم مكانة المرأة في المجال العلمي، إلا أن عدد النساء اللاتي وصلن إلى مكانة أكاديمية وعلمية مهمة يبقى قليل نسيبا. فمنذ نشأة جائزة نوبل، لم تحصل عليها سوى 45 امرأة في مجالات مختلفة، ستة عشر  فقط في مجال العلوم، وكانت أول امرأة فائزة بالجائزة هي ماري كوري وحصلت عليها مرتين.

إن عدد النساء اللواتي ينخرطن في مجال البحث العلمي يتراجع بسرعة كبيرة، و ترجع الأسباب إلى المعايير الثقافية والمجتمعية التي تفرض على النساء التخلي عن مسارهن العلمي. وفقا لمنظمة اليونسكو لسنة 2013، فنسبة الباحثات في العالم العربي تصل إلى 38%، وهي أكثر من النسبة الموجودة في أوروبا وأمريكا الشمالية 32% وأيضا من المتوسط العالمي 30%. وتصدرت تونس ومصر، قائمة الدول العربية بنسب 47% و 42% على التوالي، أما في المغرب فوصلت إلى 30.2% و44,1%  في مجال العلوم الطبية والصحية.

تقول كارا سانتا ماريا متخصصة في علم الأعصاب و مدرّسة علوم ومراسلة The Huffington Post: ” بينما كنت في محل تجاري، رأيت فتاة ترتدي قميصا كتب عليه ‘I am too pretty to do Math‘، لم أستطع استيعاب الأمر برمته. ومن هنا أردت تقصي الحقائق حول الموضوع”. وقد أكدت الدراسات التي قام بها فريق عمل كارا سانتا ماريا أن أسباب عزوف النساء عن المجال العلمي عامة يمكن تلخيصها في الضغوط الممارسة من طرف المجتمع الذي يرى المرأة كمربية الأجيال القادمة و في أحسن تقدير كمتخصصة في اللغات، والعمل الاجتماعي والعناية الطبية..

ناهيكم عن الفروقات التي تفرضها الطبيعة الفيزيولوجية لدماغ كل من الجنسين. تقول كارا سانتا ماريا: “صحيح أن الفتيان – مقارنة مع الفتيات – موهوبون بالفطرة في العديد من المجالات، خاصة الهندسة والتكنولوجيا، غير أنه من السهل جدا تغيير الوضعية لصالح الفتيات، مع القليل من الممارسة و الثقة في النفس وخاصة الرغبة“. وللتأكد من مدى تأثير الرأي العام على مردود الفتيات في المجال العلمي، قام فريق عمل كارا سانتا ماريا بتجارب عديدة. حيث قاموا بعزل مجموعتين كل منهما مكونة من فتيان و فتيات بنفس النسب، و ذلك من أجل اجتياز امتحان في الرياضيات.

 أخبر المراقبون المجموعة الأولى بعدم وجود أي فرق بين مردود الجنسين، فأبانت النتائج عن تقارب كبير بين الفتيان و الفتيات. بينما أخبروا المجموعة الثانية أن نتائج الفتيان لطالما كانت أفضل في كل الامتحانات المماثلة والتي سبق إجراؤها، فتفاجؤوا بالنتائج التي كشفت تراجعا كبيرا في أداء الفتيات اللواتي سجلن معدل نسبة نجاح يقدر ب 16% مقابل 86% بالنسبة للفتيان. وفي دراسة أخرى قامت بها الجمعية الملكية للكيمياء في لندن 2006، وجدوا أن أكثر من 70% من طالبات السنة الأولى قد خططن للاشتغال في مجال البحوث العلمية، وبحلول العام الثالث، تراجعت النسبة إلى 37% فقط بالمقارنة مع الطلبة الذكور الذين وصلت نسبتهم إلى 59. وقد وجدوا أيضا أن طالبات الكيمياء أكثر عرضة من الذكور لانخفاض الثقة بالنفس وذلك راجع إلى قلة أو عدم وجود القدوات النسوية في الأوساط الأكاديمية. هذا دون أن ننسى ازدياد الضغوط على الأمهات، والذي يقودهن في نهاية المطاف إلى ترك بحوثهن و أعمالهن العلمية على جنب للتفرغ للأبناء و مسؤولياتهن ‘اللامتناهية’.

و لتشجيع النساء المغربيات – كغيرهن حول العالم – لاتخاذ المسار العلمي ودعمهن، نظمت العديد من المنظمات العالمية بشراكة مع شركات حول العالم، مشاريع لا ربحية تهدف إلى المضي قدما نحو تحسين وضعية النساء في المجال العلمي وبث الثقة في نفوسهن. نذكر منها برنامج لوريال ـ اليونسكو الذي ينص على تقديم جوائز للنساء في مجال العلوم والتي تُمنح سنوياً لخمس أخصائيات متفوقات في العلوم ـ تنتمي كل واحدة منهن إلى قارة. كما يتم سنوياً- ومنذ عام 2000-  تقديم 15 منحة لباحثات شابات واعدات في مجال العلوم على مستوى الدكتوراه وما بعد الدكتوراه. وفي 2011، استحدث المشروع منحة خاصة “السير على خطى ماري كوري”. بالإضافة إلى المنح الوطنية التي تقدم للنساء في مجال العلوم بمختلف بلدان العالم. ونذكر كذلك مشروع “ريز” الذي يسعى إلى الرفع من نسبة النساء الحاصلات على الجوائز العلمية، وذلك بتسهيل مرحلة الترشح، حيث يوفر قاعدة بيانات يمكن البحث فيها عن كيفية التقدم للحصول على أي جائزة علمية.

تحرير: صفاء فضلاوي و أميمة بوتبغة