علاقة المال والسلطة، زواج شرعي أم زنا محارم؟


يوسف العزوزي: بما أن التصويت بنعم على الدستورالجديد ،أمانة لا تقل أهمية باقي  عن باقي المسؤوليات  الملقاة على عاتق المواطن اتجاه و طنه، و بما أن دور المواطن لم يتنه في فاتح يوليوز بل ابتدأ،   بوجوب   المراقبة و المساهة في خلق ثقافة جديدة لتدبير مرحلة الإنزال الدستوري في أحسن الظروف،و منه يندرج هذا المقال في مقام التزامنا كموصوتين بنعم للمشاركة الفكرية  في تفعيل تعاقد فاتح يوليوز2011 من خلال التربية على الانخراط  الجماعي في القضايا العامة للوطن ،و لعل أبرز هذه القضايا هو ذاك المرتبط بشبهة العلاقة بين المال و السلطة و ما يمكن أن تنتج من فساد يعوق التنمية و الازدهار في البلاد.

   تعرف السلطة le pouvoir على أساس القدرة على الفعل الإرادي، لكننا نقصد بها هنا ممثلي السلطة الواجب في حقهم الخضوع لسلطة الدولةو العمل على احترمها، و تنفيذ كل ما يقتضيبه واجب المنصب و مجانبة كل ما تعارض مه هذا الواجب سواء صرح المشرع بذلك أم لم يشرع،ولعل المسافة بين التصريح و التلميح هي الوسط الطبيعي للعلاقات المشبوهة بين واجب رجل السلطة المهني، وأوكار الفساد التي تنخر المجتع و تعيق نموه، من خلال علاقة زواج غير شرعية هدفها المتعة، علاقة لا يمكن أن ندرجها بالمقارنة مع خطورة انعكاسها على استقرار الدولة إلا تحت عنوان زنا المحارم، الذي يلد خلقا مشوهة.

و للوقف على هذا الموضوع و تقريبه من المواطن ارتأيت أن أنطلق من أمثلة حية  كانت مدينة تازة مسرحا لها.

أولا: علاقة المال و السلطة و أطول محاكمة في قضية فساد انتخابي في تاريخ المغرب  بتازة؟

تعود وقائع هذه المحاكمة إلى إلى 2شتنبر 2006 عندما التمس وكيل الملك بابتدائية تازة إجراء تحقيق ضد مجهول لارتكابه جرائم الارتشاء و محاولة الحصول على أصوات الناخبين، و لم يتأخر قاضي التحقيق في إصدتر أمره و كان منطلق التحقيق الذي فتحته الشرطة القضائية و أنجزت على إثرهمحضرا يستفاذ منهأنه تم اعتراض مكالمات هاتفية صادرة من هاتف المتهم و أخرى استقبلها على الخط نفسه و تم تسجيلها، فناقشت إثر ذلك المحكمةالابتدائية الملف الجنحي رقم 06/1816 و أصدرت في30نونبر حكمها في النازلة قضى بؤاخدت البرلماني"ح ك"بالسجن النافذ لمدة سنة وحرمانه من التصويت لسنتين، و إتلاف الأشرطة الصوتية و الأقراص المدمجة الموجودة طي هذا الملف،و في رحلة هي أقرب إلى الأسطورة، بقي ملف الفساد الانتخابي هذا يتجول من غرفة الجنح الاستأنافية الى الغرف الجنائية بالمجلس الاعلى إلى المجلس الدستوري، ولا زالت أطوار المحاكمة تسمح للمتهم بالفساد الانتخابي بمزاولة مهام تسيير المجلس الجماعي لمدينة تازة و التحكم في  المقدرات المالية و العينية، منذ 2006إلى تاريخ كتابة هذا الموضوع.

ثانيا:  علاقة المال و السلطة في تعطيل قرار نزع الملكية و فسح المجال أمام الاستلاء على الوعاء العقاري للمدينة.

توصل السيد وزير الداخلية، بملتمس عن طريق المفتشية العامة بوزارة الداخلية من أجل البحث و التقصي حول مآل ملف نزع الملكية لأراضي التي طلب المجلس الجماعي لتازة انتزاعها من مالكيها من أجل المصلحة العامة و قد أحيل هذا الملف إلى وزارة الداخلية كاملا منذ 23 مارس 2009 غير أن مشروع المرسوم لم ينشر إلى يومنا هذا بالجريدة الرسمية .

و اعتبارا لكون هذا العقار الذي تعول عليه المدينة كثيرا لتعزيز رصيدها يتعرض الآن لمناورات تدليسية الهدف منها قطع الطريق على البلدية و استغلال الملك المذكور في إطار المضلربات العقارية رغم أن المنطقة لا يشملها تصميم التهيئة للمدينة .

لهذا أهاب أصحاب الملتمس بالسيد الوزير التدخل العاجل بهدف الإبقاء على العقار المذكور خارج إطار المضاربات العقارية رغم أن المنطقة لا يشملها تصميم التهيئة للمدينة .

و كانت مجلة شؤون تازية التي يصدرها المجلس البلدي قد أشارت في عددها السادس 2008 إلى أن اللجنة الإدارية للتقويم المتعلقة بالأوعية العقارية قد صادقت على الأثمنة المحددة للسوق الأسبوعي بتازة و المتواجد بسيدي حمو مفتاح شرق تجزئة القدس (حوالي 34 هكتار)و المحددة في 13 درهم للمتر المربع و هو ما يعادل 130.00000 درهم للهكتار .

و تجدر الإشارة إلى أن المستفيدين من هذه القطع الأرضية رفضوا مبلغ التقويم ما حدى بالمجلس البلدي لتازة إلى إصدار مقرر جماعي في دورة فبراير2008 يقضي بإجراء مساطر نزع الملكية للمنفعة العامة ، و فعلا تمت إحالة الملف الذي يتضمن الإعلان بإيداع و نشر مشروع المرسوم لأجل نزع الملكية إلى المصالح المختصة .و فيما بين فبراير و أبريل 2008 وصل إلى بعض الأعضاء في حضرة المجلس وقتئذ أن العقار ذا الرسم العقاري 21 l 2814 ثم اقتناؤه من طرف مضاربين عقاريين يقطنان بتازة مما دفعهم آنذاك إلى إدراج مناقشة هذه النقطة في جدول أعمال دورة أبريل 2008 و كذا مناقشة المراحل التي قطعتها مسطرة نزع الملكية للعقارات الآنفة الذكر ، و الأسباب التي حالت دون قيام رئاسة المجلس لشخصين ذاتيين رغم كون مسطرة  نزع الملكية جارية في شأنه .لكن الرئاسة لم تتحرك للدفاع  عن مقررات المجلس و لم تتصد للمضاربين العقاريين وفق مقررات المجلس البلدي في هذا الشأن ، مما دفع  بعض المتابعين إلى التأكيد على خطورة استغلال مقررات جماعية للسطو على أراضي بأبخس الأثمان، متسائلين عمن يقف وراء تعطيل قرارات نزع الملكية لفسح المجال أما المضاربين للسيطرة على أراضي كان من المفترض أن تغني الوعاء العقاري للمدينة، وتساهم في تنميتها عوض تنمية أرصدة من ساهم في هذا التعطيل، بدون وجه حق.

ثالثا: علاقة المال و السلطة في إرسال مدانين بالفساد الانتخابي لتمثيل إقليم تازة في حفل الولاء:

عبر الرأي العام بالمدينة من خلال جرئده المحلية عن تدمره من إرسال مدانين بالفساد الانتخابي إلى حفل الولاء، خصوصا في ظل مستجدات الحركية السياسية و ما واكبها من خطب ملكلية للمساهمة في وضع قطارالتغيير في المغرب على سكته الصحيحة، إلا أن تصرفات بعض رجال السلطة توحي بعدم استيعابهم لروح الخطاب الملكي، و ضربهم بعرض الحائط بمشاعر المواطنين الغيورين على أمن البلاد و استقرارها.

كثيرة هي الأمثلة التي تظهر بما لا يدع مجالا للشك أن العلاقة بين المال و السلطة، هي نوع من زنا المحارم التي يلعنها الشرع و الشارع و  تحتاج إلى تشريعات لتشريع هذه العلاقة و تنظيمها وفق المصلحة العليا البلاد،ومقتضيات الدستور الجديد في هذا الباب، لنضمن للأجيال القادمة مناخا سياسيا نظيفا،يسمح بحياة سياسية و اقتصادية سليمة و مستقرة.