.
يوسف العزوزي:
بعد مرحلة طويلة تميزت بعزل من كانوا يسمون بالأطفال الذهانيون psychotiques عن وسطهم الأسرى لأنه اعتبر مسؤولا عن هذه الوضعية pathogène. هكذا ظهرت حركة لإعادة النظر في مسؤولية الأسر فيما يتعلق باضطرابات التوحد في نهاية الثمانينات Céline Borelle 2019 .
وكانت مطالب هذه الحركة التي نشطت من خلال جمعيات أولياء الأمور تتمحور حول حق الأطفال في الأستفاذة من مستوصفات القرب، و تطورت مطالب الحركة إلى الدعوة إلى تمكين الأسر كشريك أساسي للأخصائيين النفسيين و باقي المتدخلين، و التصدي بقوة لنظريات التحليل النفسي في الجانب المتعلق بتحميل الأمهات مسؤولية إصابة أبنائهن بالتوحد.
في هذا السياق تمت إعادة تحديد مكانة الأسرة في القرن العشرين لتتحول من مسؤولة عن مشكل الاضطراب إلى المفتاح الأساسي للحلول، ثم إلى شريك لمهنيي الصحة و الصحة النفسية و التأهيل.
و حدد تقرير Chossy لأول الأم أو الأب كمساعد-مربي co-éducateur ، و أكد نصه على أهمية تعلم الأسرة التواصل مع الفريق الذي يشرف على الطفل بشكل يجعل منهما عضوا أساسيا لا يقل شأنا عن باقي الخبراء، و هكذا اعترف تقرير Chossy بخبرة الوالدين بشكل صريح.
و قد استعمل مفهوم خبرة التجربة Borkman 1976 في العلوم الاجتماعية للإشارة إلى الكفايات التي تم اكتسابها في تجربة التعامل مع المرض /الإعاقة من طرف الأشخاص أنفسهم أو أقاربهم ، و في هذا السياق يأتي دور المرافقة الوالدية و تكوين أسر الأطفال ذوو اضطراب طيف التوحد :
برنامج تعلم السلوك المحوري، Pivotal Réponse Training
يتعلق الأمر بتدخل سلوكي في الوسط الطبيعي مُؤسس على مبادئ التحليل التطبيقي للسلوك ABA مستلهم من أعمال Koelgel et al 2002 الذين اقترحوا تدريب أسر الأطفال ذوي TSA (من 3إلى 5 سنوات) حول تعلم التقليد من خلال برنامج من 25 ساعة موزعة على عدة أيام و أسابيع متتالية.
برنامج التدريب على التقليد المتبادل.
Reciprocal Imitation Training
يتمحور هذا البرنامج الذي أعده Indersott Et Gergans 2007 حول ثلاثة مراحل و حصص عمل لفائد أولياء الأطفال (40دقيقة في الحصة) لتعليم و تعميم التقليد التلقائي في وضعيات اللعب، و ينص البرنامج في فترته الأولى على تدريب الأولياء على استراتيجيات لتعليم التبادلية الاجتماعية la réciprocité sociale للطفل بعدها يعمل البرنامج على تعليم التقليد باستعمال المساعدة اللفظية و الجسدية ، بعد ذلك ينتهي البرنامج بتعليم استراتيجيات تحفيز التقليد الحركي.
برنامج التعلم بالمحاولة المتكررة :
Discrète trials Teaching DTT.
يتعلق الأمر بتعليم كفايات محددة ممتدة على سلسلة من المحاولات المتكررة و يقوم مبدأ التعلم على ربط كل مثير بالاستجابة الصحيحة، مع التعزيز. و يمكن استعمال مساعدة البالغ للطفل في تحقيق الاستجابة الملائمة Crockett et al 2007. و يتم استعمال هذا البرنامج مع أولياء الأطفال ذوي TSA ، و يتيح لهم التدريس الناجع للسلوكات الملائمة لأطفالهم.
برامج التربية العلاجية النفسية.. Programmes psychoéducatifs
تهدف برامج التربية الوالدية إلى تعليم الأولياء الخبرات Savoir faire و تسعي البرامج التربوية النفسية إلى تزويد الأسر بالمعارف Steiner et al 2012 و تسمح هذه البرامج الموجهة عادة إلى عدة أسر بالمعلومات حول TSA و آليات التكفل كما تشجع تقاسم تجارب الأسر، و يتم في بعض الأحيان اقتراح البرامج الجماعية بالموازاة مع الأستاذة من البرامج التربوية الفردية Stahmer et Gist 2001.
في بريطانيا:
في إطار التدخل المبكر في بريطانيا طورت National Autist Soceity (NAS) برنامجا موجها لأسر الأطفال ذوو TSA بين 4 و 8 سنوات Shields2001 . يشرف على تنشيطه مهنيون ذوو خبرة في TSA، استفادوا من تكوين تنشيط المجموعات، و يتكون البرنامج من ثلاثة مستويات:
فهم الاضطراب و لا سيما وظافة الطفل.
تحسين التواصل و التفاعلات الإجتماعية.
تحسين السلوكات لاسيما السلوكات المشكلة.
يمتد البرنامج لمدة عشرة اسابيع موزعة على ثمانية دورات بالإضافة إلى زيارتين في المنزل و حصتين تحسيسيتين قبل البرنامج و بعده بثلاثة أشهر. و لا يتعدى عدد الأسر المشاركة ثمانية (فردين من كل أسرة).
و يعتمد البرنامج على حوامل بيداغوجية من أجل دعم الحصص التي تقدم على شكل عروض نظرية لحالات سريرية و يمكننا أن نلاحظ ندرة الدراسات هذه البرامج حول نجاعة هذه البرامج و مدا استفاذة الأسر منها.
بكندا :
وصف Sénéchal et al 2013 برنامجا يندرج ضمن سيرورة التقييم التشخيصي الذي يتوخى دعم الأولياء مباشرة بعد معرفتهم إصابة إبنهم بTSA، و تزويدهم بمعلومات حول الخصوصيات الوظيفية للتوحد.
يتكون البرنامج من خمسة حصص (90دقيقة في كل حصة)، و يمكن البرنامج أولياء الأمور من الانخراط في التدخل لفائدة ذوو TSA إما من خلال الملاحظة أو الممارسة.
و تتوزع تيمات البرنامج بين تنمية القدرات و التدخل باستعمال PECS أو تنمية مهارات اللعب بالاستلهام من مبادئ TEACCh.
بأستراليا:
تم إرساء برنامج Understanding Autist and Anderstanding my Child with Autist خصوصا بالنسبة للأسر الموجودة في المناطق القروية البعيدة عن الخدمات Farmer et Rupert 2013 .
يتكون البرنامج من ستة حصص موزعة على ستة أسابيع، تستهدف مساعدة الأسرة على فهم الطفل ذي TSA و يمدها بمعلومات حول (التواصل، التنشئة، اللعب…) كما يساعدهم من أجل كسب الثقة في قدراتهم التربوية و التخفيف من إحساسهم العزلة و القلق و تشجيع الأسر على التعاون بيما بينها.
الولايات المتحدة و البرامج المكثفة Programmes intensifs
ثم اقتراح البرامج المكثفة في الولايات المتحدة الأمريكية و كندا. تتوخي الإشراك القوي للأسر في التكفل بالأطفال و تزويدهم بالأدوات و التقنيات الضرورية للحياة اليومية.
لكن إمكانية تنزيل هذه البرنامج المكثفة تطرح عدة أسئلة، لأنها تمتد على سنتين و تحتاج تكلفة كبيرة، و تطرح مشكل عدم جاهزية الأولياء للتفرغ لمثل هذا البرنامج بسبب الإكراهات الأسرية و المهنية الأخرى Steiner et al 2012 ،لأجل ذلك يفضل الأولياء لبرامج أقل كثافة.
المغرب :برنامج RAAFIQ
تحيل دلالة RAAFIQ إلى Ressources et appuis en Autisme pour des familles et des intervenants qualifiés.
و جاء هذا البرنامج إثر تشخيص أنجزته وزارة الاسرة و التضامن سلط الضوء على نقص كبير في الخدمات المقدمة في التكفل بالأشخاص ذوي TSA. في هذا السياق أعطت الوزارة انطلاقة هذا البرنامج الأول من نوعه في المغرب بتاريخ 15 فبراير 2019 لتكوين خبرة وطنية من مستوى عال في مجال التوحد لمرافقة الأسر و المهنيين و تمكنهم من طرق و تقنيات ناجعة.
و استهدف برنامج التكوين الذي يستغرق 295 ساعة بالإضافة إلى تدريب ميداني مراقب من طرف خبراء دوليين 180 إطار موزعين على ثلاثة افواج بمعدل 60 إطارا في كل سنة بمعايير جغرافية و مهنية (التعليم /الصحة/التعاون الوطني….)
المرحلة الثانية: ورشات التقاسم la démultiplication.
عندما ينهي المكونون تكوينهم الذي تشرف عليه الجامعة الدولية بالرباط بنجاح، يقوم كل واحد منهم بتنشيط ورش تكويني لفائدة عشرين مشاركات محليا لمدة خمسة أيام، لنصل إلى حصيلة 3600 مستفيد محلي بعد تنشيط كل مكون مرجعي لثلاثة ورشات (واحدة كل في كل سنة).
و شمل التكوين بالجامعة الدولية بالرباط جانبا نظريا وجانبا تطبيقيت أشرف عليهما خبراء دوليين معتمدين في علم تحليل السلوك التطبيقي ABA.