.
ميشيل حبيب و آخرون.
ترجمة يوسف العزوزي بتصرف.
1 التعلمات الضمنية و التعلمات المصرح بها.
أ) عادة، كثيرة هي التعلمات التي تتم بشكل ضمني:
عادة ما يعكف التأهيل على مكتسبات تُكتسب عند الطفل( العادي) بشكل ضمني تلقائي و بدون مجهود واعي كما هو الشأن مثلا بالنسبة للفونولوجيا، اكتساب الرصيد اللغوي أو التعلم النحوي أو الحركات اليومية أو التموضع في الفضاء… إلخ. و تتم هذه التعلمات بشكل غير واعي و بدون انتباه (تلقائية) لأنها تتُكتسب من خلال العلاقة المتكررة مع المحيط و سياق السيرورات التلقائية للطفل ،و لا تستلزم إلا نزرا يسيرا من الموارد الانتباهية التي تشكل أساس التعلمات (الحركية،اللغوية،الاجتماعية….).
و حتى في المدرسة كثيرة هي التعلمات التي تتم بشكل ضمني (تنظيم النظرة le regard الخاصة بالقراءة، تحيين ذاكرة العمل Dumont et Gombert2004.
على العكس من ذلك فإن مهارات الأطفال ذوي اضطرابات التعلم تحتاج إلى تعليم و تمارين مصرح بها expliciés و مقصودة délibérés لأن الاضطراب سبب فشل التعلمات التي تتم عادة بشكل ضمني و بمجهود أقل.
إذن تعتبر التعلمات المصرح بها في سياق الاضطراب مُكلفة على المستوى المعرفي و تتطلب مراقبة و انتباه واعيا، لكنها أثبتت نجاعتها ، مثلا بالنسبة لعسر القراءة (التصريح بالمبدأ الأبجدي، التدريب على الوعي الصوتي)، أو بالنسبة لعسر الحركة(التعبير اللفظي إثناء إنجاز الحركات…).
تعتبر إذن التعلمات المصرح بها أساسية لكن يجب قياس حدودها و تقييم الكلفة الذهنية التي تستلزمها.
ب) جل التعلمات المدرسية مصرح بها:
بالنسبة للتعلمات التي تستوجب عادة تعليما مقصودا (كما هو شأن التعلمات المدرسية، لكنها مرحلة أولية تستزم في نهاية المطاف جعلها إلية Automatisés، وعندئد نعتبر أن التعلم قد نجح و يمكن استعماله (التعميم).
لكن الطفل ذي اضطراب التعلم عموما لا يمكنه تحقيق هذه الاستئالة Automatisation ، و حتى إن فعل فلن يصل إلى نفس نجاعة الاستئالة عند أقرانه (العاديين) ،و بالتالي يجب عليه أن يلجأ إلى المراقبة الواعية التي تتطلب كلفة معرفية إضافية، و هذا ما يضعه في وضعية المهام المزدوجة التي تسبب الإرهاق و البطء في الاداء.
2 الاستئالة مقابل المراقبة:
في كل نشاط معرفي تتنافس عدة استراتيجيات، فمهام المستويات الدنيا التي أصبحت آلية منذ مدة بعيدة أو البروتينات المفرطة الملاءمة sur-appris يمكن اقتحامها بسهولة،إذ أن إدراك عنصر من سيناريو الروتين يُطلق الاستئالة.
في عدة حالات تكون هذه الاستئالات ذات صلة (مثلا جمع كلمة مزارع هو مزارعون = إضافة “ون” ) إذ يمكن إنجازها بسرعة و بدون طاقة انتباهية كبيرة و بكلفة معرفية شبه منعدمة و بالتالي يجب استغلال هذه الإمكانية لجعل روتين المستوى الأدنى آليا automatiser les routines de bas niveaux كلما أمكن ذلك في الحياة اليومية أو المدرسة كجدول الضرب أو قواعد الإملاء أو الصرف و التحويل….).
لكن في حالات أخرى يجب أن تكون هذه الروتينات مراقبة و كابحة contrôlés et inhibés (الوظائف التنفيذية) و ترك المجال للتفكير و الاستنتاج و الاستدلال و الاستراتيجيات المعقدة لحل المشكلات.
و تتميز هذه الاستراتيجيات بكونها مكلفة و مستهلكة للموارد الانتباهية و منتجة لعبء ذهني.
و يحتاج إرساء هذه الاستراتيجيات المُراقبة؛ أولا كبح الاستئالات السابقة (ماهي عاصمة مصر/كبح الرباط التي اعتاد عليها الطفل عاصمة للمغرب) و هنا تطرح المراقبة التنفيذية نفسها بشدة.
@ كل وضعية هي غير مسبوقة و تحتاج إلى تفكير و حكم و قرار.
@يتعلق الأمر بتعلم جديد سواء في القسم أو أثناء التأهيل.
@يتعلق الأمر هنا بالفهم المتعلق بكل وضعية على حدى.
يجب إذن إرساء هذه الاستراتيجيات بشكل منهجي للذين لا يمكنهم استئالة الروتينات في مجال ما. و هذا ينطبق كذلك على الأطفال ذوي اضطرابات التعلم.
و يمكننا أن نُعلِّم هذه الاستراتيجية بنجاح (الكبح، التخطيط،المرونة الذهنية) مع الوعي بأنها متعبة لأنها ترتبط بوضعيات المهام المزدوجة التي تتسبب في حالة عدم الكشف عنها بالفشل الدراسي.
3:رهان الاستآلة : المهام المزدوجة
إن ضعف أو غياب الاستئالة التي عادة ما تكون عادية عند الأطفال العاديين Typique تضع الأطفال ذوي اضطرابات التعلم في وضعية صعوبة تسمى ازدواج المهام، تسبب الفشل في مجالات قد يكون الطفل متمكنا منها.
إن استئالة الروتينات الكامنة خلف الانشطة المعقدة (أو سيرورات المستويات الدنيا المتدخلة في مهام المستويات العليا) هي في الواقع حتمية أساسية في التعلمات، فالاستئالة تسمح باقتصاد كبير في الموارد الانتباهية و المراقبة الواعية.، موفرة بذلك مجهودات انتباهيا للمعالجة العالية المستوى(المنطق، الفهم ،التذكر ،العلاقة بين المعرفة و القرار في الوضعيات غير المسبوقة). فاستئالة الحركة أو التهجي في القراءة مثلا هي ضرورية و بدونها تصبح القراءة غير مفهومة و الحركة غير ناجعة.
إذن يتعلق الأمر بوضعيات حياتية أو مدرسية يومية تبرزها المهام المزدوجة كقاعدة و ليست استثناء. و من يقول بضرورة المراقبة الانتباهية يعني البطء و الهشاشة التي تشكل إعاقة حقيقية.
هذا ما يوضح الفارق بين مكتسبات التأهيل و ما ينجزه الطفل في المنزل أو قاعة القسم. إذ أن ما يمكن إنجازه إبان التدخل العلاجي (مهمة خاصة ،وضعية ثنائية) غير قابلة للتكرار دائما في وضعيات إيكولوجية و بالتالي يجب دائما تقييم التقدم المحرز في الوضعيات الحياتية و التأكد من وظيفته، كما يجب مراجعة المقولة Qunad on veux on peut.
أ) تقييم استئالة المكتسبات:
يفرض تقييم استئالة مهمة أوإجراء استعمال نموذج paradigme للمهمة المزدوجة ، لا سيما أن عددا من المهام المزدوجة “مقنعة” اي انها غير مكشوفة مباشرة أمام الفاحص الذي لا يبحث بشكل منهجي،كما هو الشأن بالنسبة لتنظيم النظر le regard عند القراءة أو العد أو حركة الخط أو اثناء الإنتاج الكتابي(نقل، إملاء، كتابة تلقائية) أو ذاكرة العمل أثناء قراءة نص طويل أو الحساب الذهني إلخ.
إن هذا على وجه التحديد هو العمق الباطولوجية عند الأطفال الذين يعانون من اضطراب التعلمات الذي يحول بينهم و بين إتمام تعلماتهم بتحقيق استئالة مراحل المستويات الدنيا للبروتين الكامن بالمهمة.
ب) كشف وضعيات المهام المزدوجة :
يفترض هذا الهدف معرفة جيدة بمختلف المكونات الحسية- الحركية و المعرفية المطلوبة لكل مهمة (تأهيلية ،مدرسية، و حياتية…) و هذا معطى غير قابل للملاحظة بسهولة. فالبنسبة الأخصائي التأهيل أو الأخصائي النفسي أو النفسي عصبي العارف بمجموع العناصر المتدخلة في إنجاز التنفيذ الجيد للمهمة قد يسهل نسبيا بالنسبة إليه كشف هذه الوضعيات ، و على عكس ذلك في المنزل أو المدرسة يصعب تحقيق هذا الهدف كما يصعب وضع استراتيجيات ناجعة..لكن و بالمقابل، يجب اقتراح وضعيات قريبة من الوضعيات المدرسية لتقييم المكتسبات التأهيلية و مستوى الاستآلة.
ج) تقييم تأثير المهام المزدوجة
إن خطورة المهام المزدوجة التي لا يمكن للطفل تحقيقها بسبب اضطرابات التعلم تستمد حقيقتها من إعاقتها لتعلمات يسهل اكتسابها إذا تحرر المتعلم من هذه المهام.
في نهاية المطاف، فإن التمدرس مسار تعلمات تراكمي لشهور أو سنوات يسعى من خلالها الطفل بذكائه ووكفاءته إنجاز عدد من المهام المدرسية لكنه يجد نفسه متأخرا عن أقرانه بفارق قد يصعب تجاوزه.
بالنهاية قد يتسبب ذلك في التأثير سلبا على ثقة الطفل بنفسه و بمستقبله، ما يغدي إحساسه بكونه غير قادر أو فاشل ( و هذا ما يعاني منه الكثير من الشباب) دون أن يتمكن في بعض الحالات حتى من معرفة أسباب هذا الفشل ما يدفعه إلى الإعراض عن كل التعلمات.
في ههذا السياق يصبح هذف أخصائي التأهيل في التقليل من عبءالمراقبة الانتباهية (أو التنفيذية) ،أي الحصول على الاستئالة الكافية التي تجعل المهمة وظيفية، ومن المهمة المزدوجة ممكنة دون فشل المهمتين معا. و ذلك من خلال التمارين المتكررة حسب الشكل أو التعلم بدون خطأ أو تكييف المهمة بالتعويض أو الالتفاف على الوظيفة العاجزة.
4) تدبير المهام المزدوجة :
يجب إذن الإسراع في تسليط الضوء على وضعية المهام المزدوجة من خلال نوعين من التدخلات غير المنفصلة عن بعضها البعض :
أولا: يجب إخبار المدرس بدقة عن الوضعيات المزدوجة و عن الطريقة الملائمة للتعامل معها و تجنبها بشكل دائم و عدم العودة إليها عند بداية كل سنة دراسية جديدة (و هنا تبرز أهمية مسك معطيات اضطراب التعلم الخاصة بكل تلميذ في برنامج “مسار”).
ثانيا: عندما يطرح الترتيب الخاص بالمهام المزدوجة أو بعضها مُشْكلا بالمدرسة (حسب طبيعتها ووتيرتها) يجب التوصية بأدوات تعويضية تحرر الطفل بشكل كلي أو جزئي من المهمة de bas niveau التي تشوش على التعلمات de haut niveau على ضوء قدرات التفكير و الوظائف المعرفية (السليمة)، و يجب أن تفرز هذه التوصية استعمال المساعدات (بشرية أو تقنية) ما يلي :
@صياغة مبررات تسهل تقبل (بالنسبة للتلميذ و المدرس و الآباء و زملاء القسم لهذه الوسائل التعويضية التي تمت التوصية بها لتجاوز العراقيل التي تحول دون اكتساب التعلمات بسبب اضطراب التعلم و فسح المجال أمام إبراز قدرات التلميذ في المجالات التي يتفوق فيها.
@تعليم هادف (في المنزل و المدرسة) يتوخى النجاعة بالالتفاف على المهام المزدوجة.
@صياغة تقرير يحدد السياق و الأنشطة و الشكل ( بالمساعدة أو تخفيفها أو بدونها) التي يجب أن يتعلم المتعلم من خلالها. مثلا “un clavier “لتعويض وضعية المهمة المزدوجة المرتبطة بضرورة المراقبة الخطية le contrôle graphique ضروري في حصة الإملاء (الإكراه= خط+استماع+التفكير في الإملاء).
أو النقل (الإكراه =الخط+استراتيجية النظر le regard +فهم أو تذكر بعض عناصر النص المنقول).
عكس كتابة قائمة للتسوق حيث يغيب إكراه الوقت و إكراه الإملاء و يبقى الإكراه الوحيد هو المقروئية lisibilité ،بالمقابل تكون حصة الإملاء شبه مستحيلة حتى باستعمال un clavier.
و بالتالي فإن الاختيار الملائم للمساعدة و تعليم استعمالها هو الحل وهذا من اختصاص الخبير في المجال (أخصائي العلاج الوظيفي ، مقوم النطق ، أو خبير التقنيات الجديدة في المعلومات و التواصل NTIC).
و يمكن لهذه التعويضات أن تكون مؤقتة في انتظار إرساء الاستئالة الكافية في بعض المجالات، أو دائمة حيث يصبح التأهيل موجها لتحقيق أهداف مختلفة.
في جميع الحالات يجب تقييم مردودية أدوات المساعدة و الترتيبات المدرسية و تكييف التعلمات من حيث نجاعتها بالمقارنة مع حجم الانتظارات و الخصوصيات المرتبطة بالسن و المستوى الدراسي من أجل تعديل المشروع البيداغوجي الفردي و الأدوات المستعملة.
بالنهاية :
علاقة بالمهام المزدوجة يمكن صياغة الأهداف التالية حسب السياق و الأهداف :