استراتيجيات التعلمات الداعمة لذوي اضطرابات التعلم بقاعة الموارد للتأهيل و الدعم


يوسف العزوي: أستاذ و مكون خريج الجامعة الدولية بالرباط.

مقدمة:

يفترض أن ينخرط الأخصائي النفسي و النفسي-عصبي و النفسي-حركي و مقوم النطق، المشتغلون بقاعة الموارد للتأهيل و الدعم في منظومة التربية الدامجة. لأن مبدأ الاشتغال في العيادات و الجمعيات و المراكز الخاصة يختلف عن العمل في قاعة الموارد للتأهيل و الدعم من حيث فلسفته و خصوصيته و منهجيته ، بحيث يجب أن يعكف هؤلاء الأخصائيين على الاشتغال ضمن مفهوم التعلمات الداعمة للتعلمات الأساس التي يتم اكتسابها في الأقسام الدامجة (العادية). و أي فصل أو قطيعة بين التعلمات الداعمة و التعلمات الأساس يعيد العملية التأهيلية برمتها إلى آلية من آليات إعادة إنتاج مخرجات التربية الخاصة التي تجاوزتها فلسفة التربية الدامجة على المستويين الوطني و الدولي.

الاستراتيجيات الخاصة باضطراب التعلم:

بالإضافة إلى المبادئ العامة المتعلق بعضها باستئالة المهام المزدوجة Automatisation des doubles tâches على مستوى رصدها و تقييم أثرها و تدبير وضعياتها، يجب أن يتوفر أخصائيو التأهيل بقاعة الموارد للتأهيل و الدعم على استراتيجيات مختلفة يتم إرساؤها حسب طبيعة و شدة الاضطراب و حاجيات التلميذ و سنه و مستواه الدراسي… (المشروع البيداغوجي الفردي).

أ) تقليص االقصور Réduire le déficit :

يفرض إحراز أي تقدم في المجال الباطولوجي استهداف التعلمات الأساس التي أخفقت الاستراتيجيات التعليمية الاعتيادية جزئيا أو كليا في تحقيقها بسبب الاضطراب. و هنا يبرز دور أخصائي التأهيل للاشتغال على الوظيفة المعرفية التي يشوبها الخلل بعد أن يستخرجها من سياقها الذي كانت مغلفة فيه.
مثلا يمكن أن يتجه التعلم إلى نظام فرعي للغة الشفوية (الفونولوجيا، الميطافونولوجيا،المعجم، النحو..). نفس الشيء يمكن أن يهم التدريب على الذاكرة(ذاكرة العمل، الذاكرة بعيدة المدى أو قريبة المدى..). أو يهم اللغة المكتوبة(الميطافونولوجيا، التحويل الخطي-الصوتي..). أو يهم الوظائف التنفيذية (الكبح، التخطيط، المرونة..).
إذن ليس من السهل على الطفل استيعاب علاقة اضطراب الصعوبة التي يسببها في اللغة المقروءة أو المكتوبة أو التواصلية في الحياة اليومية، لكنه يلمس اثر ذلك. و يجب تحسيسه ليدرك أهمية التأهيل في تجاوز الصعوبات التي يعاني منها.
بالإضافة إلى ذلك يجب أن يخضع اختيار المهام و المستوى المطلوب Niveau d’exigence بقاعة الموارد للتأهيل و الدعم إلى معيار خدمة التعلمات الأساس و مبدأ التدرج المرتبط المرتبط بمفهوم ” المنطقة القريبة من النمو” La zone proximale de développement ، مع إضافة الأنشطة التي يمكن للتلميذ القيام بها لدعم ثقته في نفسه و تجنيبه التمارين التي يعجز عن إنجازها حتى مع تقديم المساعدة، تلافيا للسقوط في وضعية سوء تقدير الذات.

إذن تعتبر قاعة الموارد للتأهيل و الدعم منطلقا لاختيار الطرائق الأكثر ملاءمة حسب طبيعة الاضطراب و شدته و مستوى الطفل الدراسي (التعلمات الأساس) و الاضطرابات المرافقة لاضطراب التعلم و الانخراط الأسرى و شخصية الطفل… كل ذلك تتم ترجمته في المشروع البيداغوجي الفردي الذي يجب أن يتيح تقييم التدخل التأهيلي (التعلمات الداعمة) و حدود مواكبة تطورها وظيفتها في خدمة التعلمات الأساس.

يتعلق الأمر بوضعيات تأهيلية دقيقة(التعلمات الداعمة) التي يجب التخطيط لتعميم أثرها في مهام التعلمات الأساس، و هو الدور المنوط بالاستاذ المشرف على قاعة الموارد للتأهيل و الدعم من خلال تواصله المنتظم و المنهجي مع الاستاذ الدامج خدمة للوضعيات المدرسية الاعتيادية. هكذا فقط يمكننا التصدي للفشل و الهدر المدرسيين المرتبط بالتلاميذ في وضعيات الاضطرابات النمائية.

ب) تقليص الإعاقة ، Reduire le handicap :

يعتقد الكثيرون بأن تقليص القصور يقود تلقائيا ispo facto إلى تقليص الإعاقة (أي تأثير القصور في حياة الطفل) ، و هذا وهم يشيع بين أولياء الأمور و المدرسين و حتى بعض مهنيي العلاج. و يأتي هذا الوهم من الخلط بين القصور و التشخيص و الإعاقة و يؤدي ذلك إلى اختيارات علاجية غير ملائمة يمكن لنتائجها أن تكون قاسية على مستوى المدى البعيد.
فعلا يمكن لتقليص القصور أن يحرز تقدما، لكن يجب وضع هذا التقدم في سياق الفارق مع تقدم الطفل العادي، فإذا كان التقدم بطيئا في المجالات التي يشملها القصور بالمقارنة مع التطور الاعتيادي للأطفال العاديين Standards في نفس مجالات الانحراف عن القاعدة l’écart à la normes الذي لا يتوقف عن الاتساع. إذا ماذا يعني التقدم في هذه الحالة؟
أي أن التقدم في هذه الحالة يكون بالمقارنة مع الإنجاز السابق ، أي قبل التأهيل، و ليس بالمقارنة مع الطفل العادي ،أي أن الإعاقة مستمرة حسب زيادة الإكراهات و المتطلبات المدرسية و الاجتماعية.

@تقييم الإعاقة. Évaluer le habdicap. :

يجب أن نكون قادرين على تقييم الإعاقة آخدين بعين الاعتبار لطبيعة المهمة و شروطها الاعتيادية و إنجازها (السياق ، المتطلبات، السرعة، الدقة، السلامة من الأخطاء). بالإضافة إلى المهام القياسية لمختلف الاختبارات التي تسمح ليس فقط بموضعة الطفل ذي الاضطراب بالمقارنة مع المعيار العادي، لكن أيضا بمتابعة تطوره و تقدير سرعة تقدمه.

@الحد من الإعاقة Limiter le handicap:

يَفترض تقليص الإعاقة قيادةَ عمل وظيفي و إيكولوجي في الآن نفسه، رغم أن الوضعيات الحياتية التي يجب أن تتم فيها المكتسبات لتكون وظيفية، ليست فقط متعددة و لكنها معقدة لما تتطلبه من مرونة و قدرات تكيفية في مختلف المجالات، لهذا يجب على أخصائي التأهيل بقاعة الموارد للتأهيل و الدعم أن يقترح في بادئ الأمر مهاما مبسطة مرفقة بالمساعدات لتخفيف الإكراهات، و من ثمة يعمل على تعقيدها رويدا رويدا في مختلف أبعادها.
علما أن الأنشطة المقترحة بهذه القاعة يجب أن تحافظ على مبدأ العلاقة بين التعلمات الداعمة و التعلمات الأساس في أفق تعميمها في وضعيات الحياة المدرسية و المنزلية.

تقوية الوظائف المحفوظة (السليمة) :

يعتقد البعض ان تقوية الوظائف المحفوظة ليس أمرا ضروريا لأنه لا يعني الاضطراب مباشرة. لكن تمرين الوظائف السليمة و إن لم يكن له تأثير على القصور له فوائد عديدة منها :

أولا : لا يمكن تركيز التأهيل على الوظائف المعتلة أو الإعاقة فقط تجنبا لإحباط الطفل و تثبيط عزيمته و تهربه من التمارين أو من التعلم ككل.
ثانيا: يمكن استعمال الكفايات السليمة للحد من الإعاقة و الالتفاف على وضعيات المهام المزدوجة و تشجيع التعلمات.

إذن من المهم اقتراح وضعيات تساعد للتلميذ على الوعي بقدراته و تذوق طعم النجاح لدعم ثقته في نفسه. لأجل ذلك يجب أن تركز قاعة الموارد للتأهيل و الدعم على نقاط القوة و نقاط الضعف و استثمار ذلك بشكل منهجي لتقليص الإعاقة أي تقليل أثر القصور في الحياة المدرسية و الاجتماعية و النفسية.

مجمل القول :

في قاعة الموارد للتأهيل و الدعم يجب الاخد بعين الاعتبار كل المتغيرات (محيط، علاقات بين الأقران، و مع الراشدين، البيداغوجية المنزلية…) التي تسمح بالتعلمات و تجويد الحياة اليومية و تنمية العلاقات الاجتماعية، و مراعات العلاقة بين الأهداف التعليمية التدريبات الدقيقة و الأهداف الوظيفية و الإيكولوجية، أي تحويل هذه التدريبات الدقيقة إلى مهارات وظيفية. و هذا ما سيسمح ب:

إعطاء معنى للممارسة التأهيلية الهادفة داخل قاعة الموارد للتأهيل و الدعم ، لتكون منطلقا التجويد الحياة المدرسية و الاجتماعية.

تقليص الإعاقة : اي تقليص أثر القصور في حياة التلميذ المدرسية و الاجتماعية و الأسرية. و هذا هو الهدف الأساسي لفلسفة التربية الدامجة.

و يستوجب تحقيق هذه الغاية من أخصائي التأهيل بقاعة الموارد للتأهيل و الدعم قيادة الأنشطة الخاصة تقليص أثر القصور و التفكير في نفس الآن في الوسائل التعويضية التي يمكن أن تساهم في الحد من الإعاقة، و ذلك باقتراح مساعدات تقنية و تكييف المهام أو المتطلبات و الترتيبات المدرسية بهدف الالتفاف على الاضطراب.
في هذا السياق لا يجب أن تتحول قاعة الموارد للتأهيل و الدعم إلى مزار sanctuaire مفصول عن الواقع المدرسي و الاجتماعي. بل على العكس من ذلك يجب أن يمنح هذا الفضاء فرصا و إمكانيات و قدرات للتكيف مع الواقع، للتصدي لمختلف الإكراهات التي تواجه التلميذ في القسم الدامج و ساحة المدرسة و المنزل.
هكذا سنعمل على تفادي اختزال التربية الدامجة في عملية تأهيل تلميذ يعاني من قصور وظيفة معرفية، لأن فلسفتها تتغيى الرفع من جودة الحياة و ضمان دمج صحي في المجتمع مؤسس على التنزيل السليم لمبدأ العدالة الاجتماعية و تكافؤ الفرص.