ترجمة: يوسف العزوزي
يستلزم بناء الاختبار السيكولوجي أو التربوي سيرورة يجب أن يتمتع صانعها بنفس طويل، و يمكن تمييز خمسة مراحل أساسية من هذه السيرورة و هي:
المرحلة الأولى: تحديد الاستعمالات المنتظرة من الاختبار.
يجب على الباحث الراغب في بناء أداة للاختبار أن يحدد وظيفتها و مجال استعمالها، فبناء اختبار في الرياضيات يمكن أن يستعمل لاختيار مواضيع لتشخيص صعوبات التعلم أو أيضا لتحديد تمكن التلميذ من الكفايات المنتظرة في آخر السنة.
نفس الشيء بالنسبة لاستمارة القلق التي يمكن استعمالها لرصد أشخاص يمتلكون بعض مميزات الشخصية أو لتقييم أثر دواء القلق Anxiolytique، و غالبا ما يفي نفس الاختبار بكل وظائفه، و يتحدد جوهر مميزاته في استعمالاته المنتظرة.
و يجب الحرص على التمييز الواضح بين الاختبارات المدرجة testes només و الاختبارات المعيرة testes criteriés. تستهدف الأولى تمييز المواضيع التي تهم الجمهور الذي من أجله تم بناء الاختبار، و تمدنا هذه الاختبارات مثلا بمعلومات حول درجة القلق لذى شخص و علاقتها بمستوى القلق لذى مجموع الجمهور. نفس الشيء ينطبق على مستوى الكفايات في الرياضيات أو بالنسبة لأي ميزة نريد قياسها.
و على العكس من ذلك تتجلى وظيفة الاختبارات المعيرة testes criteriés في تقييم ما إذا كان شخص يمتلك أو لا يمتلك بعض الخصائص المرجعية. مثلا؛ هل يمتلك الشخص الكفايات اللازمة في الرياضيات التي تؤهله إلى برنامج دراسة محدد. أو مثلا تلك التي تؤهل أشخاصا آخرين للقيام ببعض الوظائف المهنية التي تتطلب ألا يتجاوز مستوئ القلق العتبة المحددة.
و يحدد اختيار بناء الاختبار المدرج أو المعير المنهجية المستعملة، و يجب تطبيق تقنيات خاصة لبناء اختبارات تراعي الخصائص القياسية التي نحتاجها.
في المجال التربوي لا نميز فقط بين الاختبار المدرج و المعير، بل توجد فروق بين الاختبارات الموجهة للتقييم الإشهادي و تلك الموجهة للتقييم التكويني أو التقييم التشخيصي. إذ على الاختبار الإشهادي أن يغطي مجموع البرنامج الدراسي و يركز على الإنجازات للكشف على قدرة التلميذ على إنجاز المهام التي ننتظرها منه عند نهاية التعلمات.
عكس الاختبار التشخيصي الذي يهدف عموما لفهم معنى الإنجاز، فالأمر لا يتعلق كما هو الشأن في الاختبار الإشهادي الذي يبحث فيما إذا كان التلميذ قادرا على جمع عددين عشريين، و لكن الاختبار التشخيصي يستهدف فهم سبب الصعوبات التي يواجهها التلاميذ في إنجاز عملية الجمع و يسمح بوضع برنامج تأهيلي.
هكذا تختلف خصائص الاختبار التشخيصي عن الاختبار الإشهادي و تحدد وظيفة الاختبار طبيعته، و بالتالي فإن المنهجية المتبعة لبناء أداة الاختبار ترتبط بالاستعمالات المسخرة له.
المرحلة الثانية: تحديد ما نريد قياسه.
على العموم عادة ما ترتبط محطة انطلاق الاختبار من هدف فضفاض، كهدف تقييم فهم المقروء في المدرسة الابتدائية أو تشخيص اضطرابات الذاكرة أو تشخيص إضطراب القراءة أو من جهة أخرى انتقاء الأشخاص المناسبين لمهمة كبيرة أو تقدير النمو الاجتماعي للأطفال بين 3و 6 سنوات..
و تعتبر هذه التوجهات و غيرها فضفاضة، فإذا أردنا البدأ في بناء أي اختبار نحتاج إلى ضبط المفاهيم، بعبارة أخرى يتعلق الأمر بالتحديد الدقيق و العمل على أجرءة المواضيع السيكولوجية أو التربوية التي يهدف الاختبار إلى قياسها، و على أساس هذا التحديد يمكن بناء أسئلة الاختبار.
و يُعد هذا الإجراء جوهريا في هذه المرحلة لأنه يتيح المصادقة على مضمون الاختبار. و لكن كيف نمر من هدف فضفاض إلى هدف محدد بشكل إجرائي؛ يبدو أن ذلك لن يتأتى إلا في إطار المجالات و المناهج المتعددة التي يمكن استعمالها:
أ) تحديد الأهداف البيداغوجية و إعداد جدول المواصفات. فعندما يتعلق الأمر بتقييم التعلمات المدرسية فإن المنهجية الأكثر شيوعا تتجلى في تحديد الإنجازات التي يجب على المتعلمين أن يكشفوا عنها في زمن محدد من تعلماتهم. و قد تم تطوير عدة أدوات للسماح بالأجرأة الضرورية، و منها جدول المواصفات الذي يحدد الكفايات المنتظرة (أن يكون قادرا على…)
ب) تحليل مضمون المقابلة:
عندما لا يتوفر الممارس على تصور دقيق حول المميزات التي تسمح بعزل الأفراد الذين سيخضعون للتقييم بالاختبار، من المهم أن يبدأ الممارس محاورة الأشخاص الذي ينتمون للفئة المستهدفة في مقابلة حرة أو نصف مبنية لجمع أكبر عدد من المعلومات.
فقد اعتمد Hunt et MC Kenna 1990 على هذا النحو عندما قابل 30 مريضا بالاكتئاب حول مختلف أوجه حياتهم اليومية، و قد أثمر الحوار تسليط الضوء على بعض المقترحات المميزة لتقدير جودة حياة المرضى بالاكتئاب و ساهمت هذه المقترحات في بناء عناصر الاستمارة.
ج) الملاحظة المباشرة للسلوك :
في بعض الحالات يستحسن ملاحظة الأشخاص في وسطهم الطبيعي أو العملي أو الدراسي بدل محاورتهم أو طرح الأسئلة عليهم. و كان Binet اول من استعمل هذا الأسلوب لبناء أول اختبار للذكاء في التاريخ، لأنه لم يستطع الاعتماد على نموذج بدائي و فضفاض فبدأ
انطلاقا من سنة 1900 ملاحظة الأشخاص في وضعية الإعاقة بملجا Saite-anne ،بالإضافة إلى أطفال مدرسة بحي شعبي في باريز Paris لأجل تسليط الضوء على السلوكات التي تسمح بتمييز الأفراد الغير الحاملين لإعاقة ذهنية و الأطفال في وضعية الإعاقة الذهنية ،و قد أثمرت هذه الملاحظة سلم قياس الذكاء سنة 1905.
د) منهجية الأحداث الحرجة :
تنسب هذه المنهجية إلى Falanagan1954 و تهم بناء أدوات تقييم الإنجازات المهنية من خلال طلب المسؤولين وصف وضعيات الشغل و أداء المستخدمين و نجاعتهم أو ضعفها. و انطلاقا من هذا الوصف يمكن تسليط الضوء على بعض السلوكات الحرجة و استخدامها في بناء سُلم للتقييم.
ه) مرجعية نموذج نظري:
عكس المنهجيات السابقة فإن الأمر يتعلق هنا بالانطلاق من تجربة، ولكن بناءا على نموذج مستمد من الأبحاث السابقة.
فمنذ 1980 قاد تطور السيكولوجية المعرفية إلى إبداع نماذج نظرية عديدة موجهة لتشخيص اضطرابات القراءة ، و كمثال على ذلك ما قام به Partz 1994 و Mously 1994 و إخرون وضعهم لنماذج نظرية لتقييم اختبارات اضطراب القراءة و التحفيز و الذاكرة.
المرحلة الثالثة: وضع الأسئلة items :
قبل حوالى خمسين سنة أكد George Gallup المؤسس الشهير لوكالة استطلاع الرأي التي تحمل إسمه بأن الاهتمام الموجه للأسئلة يقل عن الاهتمام المنصب على العينات رغم أن الاختلاف في الأسئلة يخلق فرقا يفوق ذلك الذي يخلفه الاختلاف التقني في العينات.
و لازال هذا الاستنتاج يحافظ على راهنيته، و يمكن تعميمه على الأسئلة المُصاغة في سياق الاختبارات السيكولوجية و اختبارات المكتسبات المدرسية.
عادة لا يتبع الممارسون اية منهجية لوضع أسئلتهم، إذ انطلاقا من تصورهم لما يرغبون في قياسه يعتمدون على حدسهم لإنتاج الأسئلة.. لكن من الضروري التوفر على مشروع و تصميم دقيق قبل الانطلاق في إنتاج عناصر الاختبار.
1 اي شكل للأسئلة نختار؟
لايجب أن يكون اختيار شكل الأسئلة اعتباطيا، بل ينبغي أن يكون منبثقا من مجموعة من الإكراهات المتعلقة بأهداف الاختبار و الشروط المادية لبنائه و تمريره و تنقيطه. و بالتالي لايوجد شكل جيد بالمطلق بل يرتبط الشكل الجيد بمدا ملاءمته للهدف أو وضعية التقييم.
2.ما هو مستوى صعوبة الأسئلة items؟
يتعلق مستوى الصعوبة بهدف الاختبار و يتغير حسب ما إذا كان الاختبار مدرجا teste nomé أو اختبارا معيرا teste criterié أو تكوينيا أو تشخيصيا أو إشهاديا. بعبارة أخرى فإن طبيعة المعلومات التي نريد جمعها هي التي تحدد مستوى صعوبات العناصر items التي سننتجها.
3 كم عدد الأسئلة التي يجب وضعها؟
يرتبط عدد الأسئلة التي يجب وضعها بعدة عوامل أولها عامل مدة الاختبار (بين 10 دقائق أو اختبار تشخيص يمتد على عدة حصص امتحان).
كما يرتبط عدد الأسئلة بالمستوى المطلوب من صدق الاختبار، فالاختبار الطويل أصدق من الاختبار القصير.
المرحلة الرابعة : تقييم العناصر items.
يعتبر التحديد الدقيق لما نرغب في قياسه، و التوفر على منهجية متكاملة لبناء الأسئلة شرطين لازمين لكنهما غير كافيين للحصول على عناصر صادقة و سليمة. و لأجل ضمان الخاصية القياسية للسؤال يجب إخضاعها لتقييم صارم، و لإنجاز هذه المهمة يتم الاعتماد عادة على طريقتين متكاملتين:
1 تقييم العناصر من طرف مُحَكمين، أولئك المكلفين بتقدير ملاءمة العناصر items للمتطلبات المحددة في المرحلة الثانية.
2 إنجاز تجارب على العناصر و تقدير للنتائج من طرف محكمين، في أفق جمع المعلومات الأمبريقية مباشرة من طرف الجمهور موضوع الاختبار.
و تقتضي التجربة تمرير الأسئلة على عينة من الجمهور، و ليس من الضروري أن تكون العينة تمثيلية، و لا كبيرة؛ فإذا كان الاختبار موجها إلى ربابنة الطائرات فيكفي أن يكون عدد أفراد العينة التجريبية 50 ربانا ،إذ يسمح ذلك بتقييم كافي للعناصر items.
المرحلة الخامسة: تحديد الخصائص القياسية للاختبار النهائي.
بعد انتقاء العناصر الجيدة للصيغة النهائية للاختبار المبني، يبقى تحديد الخصائص القياسية لهذا الاختبار. و تختلف الخصائص التي يجب أن تحظى بالانتباه بدلالة طبيعة الاختبار. فإذا كان الأمر يتعلق باختبار مدرج nomé فيجب وضع مقاييس حسب سلم قابل للفهم من طرف الممارسين. و إذا كان الأمر يتعلق باختبار معير criterié, فيجب التدقيق في الدرجات المرجعية Scores de référence المناسبة.
من جهة أخرى يجب إخضاع الاختبار إلى تحقيق الصدق و الثباث، إذ على المعني بالأمر جمع دلائل صدق الاستدلالات التي تسمح بها نتائج الاختبار.
و يجب كذلك تقديم معلومات حول ثباث النتائج و يمكن الاعتماد في ذلك على عدة مؤشرات منها معامل الثباث و القياسات المرتبة به.
المرجع :
Introduction aux théories des tests en Psychologie et en sciences de l’éducation
3 ème Edition 2014
(de boek).
,ومنين كل هذه المراحل ضرورية كفاش صفقت للكشف تاع تازة وانتم تعرفون انه تم دون منهجية ودون ادوات وقدمتموه باعتباره عملا يعود على الاطفال والاسر بالنفع . الكتابة التزام استاذنا العزيز .