مقاربة نورو_سيكولوجية لاضطراب طيف التوحد


Neuropsychologie et remediation des عز 
Boeck 2017
P 10…13
مقاربة نوروسيكولوجية لاضطراب طيف التوحد.
ترجمة يوسف العزوزي:

مقدمة:

يُعرَّف اضطراب طيف التوحد كمتلازمة عصبية نمائية. Syndrome neurodevloppemental ما يعطي المشروعية بحكم هذا الواقع لمقاربة عصبية-نفسية neuropsychologie، بالرجوع إلى المعطيات النوروفيزيولوجية و النوروراديولوجية التي تظهر هشاشة في النمو العصبي قبل الولادة Post-natale مع بناء غير نمطي Atypique لبعض الدارات العصبية و بالخصوص تلك التي تستند عليها اللغة في مظاهرها الوظيفية و النمائية و تلك المتعلقة بالمعالجة عالية المستوى للمعلومات الحسية. و تسمح هذه المعالجة الميطا-تمثلية للشخص بتعديل سلوكه و أنشطته على إيقاع تقلبات المحيط و بالخصوص المحيط الاجتماعي.

كما تهتم المرجعية النورو-سيكولوجية بتأثير الأعطاب العصبية على الوظائف التكيفية، و هي اللغة الشفوية و الوظائف التنفيذية و التقمص العاطفي و تسمح بتحديد الإطار المفاهيمي المناسب لتناول القصور في التواصل الاجتماعي لذى اضطراب طيف التوحد.

# طيف التوحد متلازمة نورو-نمائية:
أصدرت الجمعية المغربية الأمريكية للطب النفسي نسختها الخامسة من الدليل التشخيصية و الإحصائي للاضطرابات الذهنية DSM 5 سنة 2013 الذي جدد تسمية هذا الاضطراب باضطراب طيف التوحد TSA  بصفته اضطرابا  في التواصل الاجتماعي.

و بالإضافة إلى هذا المستجد السيميولوجي و المفاهيمي ينضاف مستجد على مستوى التصنيف التحليلي للأمراض” Nosologique”يعتبر طيف التوحد كمتلازمة نورو-نمائية من أجل مَرجعَته إلى جانب متلازمة فرط الحركة و اضطراب الانتباه ثم الاضطرابات الحركية كمتلازمة Gilles de la Tourette.
و بالتالي فإن DSM5 عرف TSA” رسميا” كاضطراب ذي أصل نورو بيولوجي و انتهى  بالاعتماد على عدة أشغال علمية إلى أن الدماغ معني بحتمية التوحد قاطعا بشكل نهائي مع الخطاب الباطني، لكن للأسف بعض الكليات لازالت تشير بأصبع الاهتمام إلى الأم و مسؤوليتها عن الاضطراب. و خلاصة فإن DSM5 أكد بأن لا علاقة لطفل  طيف التوحد بعدم  محبة  والديه  له كثيرا.
و يقود اعتبار TSA متلازمة نورو-نمائية إلى اعتماد مقاربة  نوروسيكولوجية أبعادها  السلوكية و المعرفية، و الأحد  بعين الاعتبار الشدة و السن في التكفل و ترتيبات المحيط.
و تقوم هذه المقاربة النورو-نفسية على معطيات عصبية تشريحية وظيفية neuro-antomo-fonctionnelle، توضح أثر الخلل الدماغي على الوظائف التكيفية و تطورها في الطفولة مع تركيز الاهتمام على اللغة الشفوية و قدرات حل المشكلات التكيفية.

# طيف التوحد و تطور الجنين قبل الولادة:
يندرج النضج العصبي قبل- الولادة في البعد الميكروسكوبي أكثر من البعد الماكروسكوبي، حتى يمتلك دماغ الوليد نفس مورفولوجيا دماغ الراشد و يتكون من نفس الباحات و نفس التلافيف و نفس البنيات التحية-قشرة دماغية، فضلا عن ذلك فدماغ المولود تم تنظيمه قبل الولادة في إطار أنظمة نورو-تشريحية-وظيفية كما هو الشأن مثلا في النظام البصري مع مؤخرة القشرة الدماغية.
و ينتظم وجود الأنظمة النورو-وظيفية منذ الولادة مع مفهوم النضج القبل الولادي و بالخصوص النضج البيولوجي الذي يستمر لسنوات بعد الولادة حسب الباحات الدماغية.
فالنضج القبل الولادي الذي يقوم على تكاثر النورونات يشمل من جهة  الألياف البيضاء و من جهة أخرى  التشجير الشجيري Arborisation dendritique و أجسامه الخلوية التي تحدد المادة الرماضية.

#اضطراب طيف التوحد و الباحات العصبية “الحرجة”:
اعتُبر في الآونة الأخيرة طيف التوحد نتاج  لاضطراب في  التخلق الشبكي synaptogenèse لمرحلة ما قبل الولادة. و قد سجل كل من (Couchesne et pièce) عدة دراسات تشير إلى الاختلالات في فيزيولوجية نشأة التشابك العصبي بما فيها تأخر انطلاق مرحلة الموت المبرمج للخلايا “l’apoptose “.
و ينتج عن ذلك بقاء عدد مفرط من التشجير الشجيري و من النورونات التي يمكن أن تترابط بشكل غير عادي Atypique و تحدد دارات عصبية شاذة ، يمكنها أن تنعكس على المستوى الوظيفي، و تشكل ظواهر شديدة الحساسية في الإثارات الحسية.
كما أن اختلالات فيزيولوجية نشأة التشابك العصبي “Synaptogénetique ” تصيب باحات القشرة الدماغية الجبهية الأمامية و الفص الصدغي للدماغ ، ما يؤثر على نضج باحات أخرى (occipitale, pariétal).
و بالنسبة لوجهة النظر النوروسيكولوجية، فإن هذه المعطيات تقود إلى التفكير في العلاقة بين التوحد و التغييرات التي طرأت على فيزيولوجيا نشأة التشابك العصبي.

# مقاربة نوروسيكولوجية للغة التوحدية:
علاقة بما سبق يقترن طيف التوحد بتشوهات نمائية وظيفية على مستوى اللغة. وتحضر هذه التشوهات لذى 80% من حالات طيف التوحد قبل سنتين، و تعتبر من العلامات الدالة على طيف التوحد.
و هي أيضا سبب  لقلق الآباء الذين يواجهون تصدع أو توقف أو تراجع نمو معجم أبنائهم TSA في سن (شهر 18-22) مع خرس و ضعف التفاعل مع الكلام و قلة الحركات التواصلية و النظر الموجه للآخرين و تفضيل الأنشطة الانعزالية المتكررة التي قد تكون منبعا للتحفيز الحسي الذاتي.
و تقود هذه السيميولوجيا النمطية الخاصة بطيف التوحد إلى استيعاب اضطراب اللغة كتعبير عن قصور في التواصل الاجتماعي، لأن الخلل طال الوجه الغير اللفظي للتواصل (النظر، الحركات، الإشارة، وضعية الجسم..) ما يستلزم التكفل في سن مبكر.
و يمكن للخرس أن يدفعنا للبحث عن بدائل ك:” Makaton ou Pecs”الذي يسمح لأطفال التوحد بالتواصل بنجاعة مع الأشخاص في محيطهم.

# مقاربة علم الحبسات و الخرس التوحدي:

في حالة اضطراب طيف التوحد يمكن للخرس أن يقترن مع اضطرابات السمع مبكرا، أي أنه مع طيف التوحد يمكن أن يقترن الخرس بإخفاق نوروبيولوجي في زمن يفترض فيه تمييز أصوات الكلام فيما بينها، و تمييزها عن  ضجيج المحيط. و في مرحلة مبكرة من طيف التوحد ينتج الخرس عن اضطراب المعالجة السمعية الصوتية للكلام.
أشارت عدة دراسات نورو-راديولوجية و إلكتروفيزيولوجية أنجزت على أطفال باغلين “TSA ” على امتداد 20 سنة إلى وجود ثبات نشاط عضلي ضعيف في تلفيفات عليا للفص الصدغي من نصف الدماغ الأيسر في المعالجة السمعية للكلام.
و ينعكس هذا القصور النمائي على كبح اكتساب المعجم و ممارسة تأثير قوي على قدرات فهم الكلام المسموع، و للتبسيط فإن هذا القصور ينعكس سلبا على المهارات التعبيرية و قدرات المعالجة الدلالية للكلام المسموع، و بالأخص الفهم الشفوي للكلمات و الجمل.
#الإيكولاليا :
يعود اضطراب التكرار إلى أصل نورولوجي و يقترن بشكل عام بخلل في الحزمة المقوسة بتلفيف الدماغ الايسر، و يتميز سريريا بإصدار جمل صوتية متقطعة. و في إطار علم الحبسات تعتبر الإيكولاليا علامة سريرية مرتبطة بالحبسة الحسية التي قد ترتبط باضطراب الفهم.