
ÉMOTIONS ET APPRENTISSAGE.
Pamela Gobain.
P:(50… 66)
السيرورات المعرفية و الاجتماعية المعنية بالتعلمات
ترجمة يوسف العزوزي :
مقدمة:
إذا كنت تأمل في تحديد الوسائل التي تسمح بالفهم و الاحتفاظ و التذكر الجيد ، فإن هذه العمليات لا تستدعي نفس الكفايات.. قد ينتابك إحساس مذهل و أنت تشاهد شخصا يحفظ قواعد لعبة ورق تتكون من عشرات القطع في بضع ثوان، أو شخصا يتعلم 300 كلمة في ربع ساعة، و تتساءل حينها إن كان لذيهم أسرارا تجعلهم يحققون هذه الإنجازات أم هي تمارين تمكن جميع من يواضب عليها من تحقيق الإنجازات ذاتها.
تبقى الرغبة إذن في التعرف على حدود و سرعة الفهم و الاحتفاظ و التذكر أمرا مشروعا، قد نبلغه مثلا بحدسنا أو بتخصيص مزيد من الوقت لنفهم انه كلما اعتمدنا مبدأ التكرار يتعزز الحفظ .
و للإجابة على مثل هذه الأسئلة كان من الضروري انتظار أبحاث Ebbinghaus 1885 الرائد في الدراسات التجريبية حول الذاكرة. ثم راكمنا عدة معارف حول الذاكرة على امتداد 135 سنة الأخيرة يستحيل تجميعها في موضوع واحد، لكننا سنركز على القواعد الأساسية للطريقة التي نتعلم و نخزن بها معلوماتنا. بالإضافة إلى العوامل التي تؤثر في هذا التعلم، و سنتطرق إلى مختلف أشكال الاحتفاظ بالذاكرة و مختلف الدعامات الممكن استعمالها لحسن استخدام الذاكرة.
التحفيز. La motivation :
إن العامل الذي يساعد على التعلم هو الحافزية للتعلم أو الدافع إلى التعلم، غير أن التحقيق في ضبط أثر التحفيز على التعلمات ليس بالأمر البسيط.
فإذا اقترحت عليك المشاركة في دراسة حول الذاكرة، يمكن أن تبدي استعدادا للتعاون لعدة أسباب قد تدفعك للقيام بهذا العمل على أحسن وجه : ربما لإرضائي أو للبرهنة أنك ملم بالموضوع، أو لأن الأمر يهمك كتمرين. و تعتبر هذه الفرضيات بمثابة تحفيزات ، لكن اختبار ذلك بشكل تجريبي أمر غير يسير.
و قد أوضح “نيلسون” 1987بأن غياب التحفيز قد يسبب إعاقة أمام إنجاز المهام و قارن ثلاثة مجموعات : المجموعة الأولى تم إخبارها بتخصيص مكافأة مالية قبل بداية المهمة.
المجموعة الثانية تم إخبارها بتخصيص مكافأة مالية أثناء المهمة.
المجموعة الثالثة لم يتم إخبارها بتخصيص مكافأة مالية.
و قد استنتج “نيلسون” عدم وجود تمايز في العمل بين المجموعات الثلاثة. كما قارن Motz 2017 و شركاؤه تعلم مجموعة قدمت لها التعليمات بشكل محفز و مجموعة أخرى قدمت لها التعليمات بشكل محايد(بدون تحفيز) لكن النتائج لم تكن مختلفة.
سلطت التجربتين الضوء على أن التحفيز عملية أكثر تعقيدا من الإشراط السلوكي التقليدي البافلوفي( لعاب الكلب، مثير/استجابة). إذن من المنطقي أن تكون هذه الشروط التجريبية غير كافية لاستيعاب تعقيد و دقة الشروط التي تنمي التحفيز و تحسن جودة التعلمات.
بالمقابل يظهر جليا أهمية التوجه نحو نظريات تكاملية تراعي تأثير المعايير البيئية على التحفيز. و اقترح Levesque نموذجا متكاملا للتعلم و التحفيز يستند على نظرية العزم الذاتي “Autodetermination”لتفسير التحفيز الذي يمكن أن نتعلمه، فلا يمكن للأستاذ خلق تعلمات التلاميذ، و لكن يمكنه خلق بيئة مساعدة على التعلمات، و يشكل ذلك الرهان الأكبر للمؤسسات، أي خلق بيئة مساعدة على التعلم، تلبي الحاجات السيكولوجية للمعلمين، ما سينعكس إيجابا على تحفيزهم و بالتالي رفع جودة التعلمات. هذا لأن التعلم الجيد و المستدام هو الذي يطبعه “العزم الذاتي” الذي يعطه معنى.
و لأجل بلوغ مستوى” العزم الذاتي” يجب أن تستجيب الوضعيات التعلمية لحاجات الكفايات و الاستقلالية autonomie, و الانخرط ، و في هذا السياق فإن الحاجة إلى الكفايات تحيل على القدرة على التفاعل بشكل ناجع مع المحيط، فيما تفيد الحاجة إلى الانخراط بأننا بحاجة إلى الترابط و الارتباط مع الآخرين، أما الحاجة إلى الحاجة إلى الاستقلالية فيشمل حرية الاختيار و الرغبة في التنظيم و الظهور بشكل منسجم.
بالنسبة للبعض فإن الحاجة إلى الكفايات ضرورية لدعم التعلمات، و الكفاية هي الحاجة الأساسية لتنمية التحفيز الذاتي-الضبط ،لكن وجهة النظر هذه لا تحظى بالإجماع فبالنسبة ل Levesque فإن نجاح التعلم مرتبط بشرط توفير السياق لإمكانية الحاجة إلى الاستقلالية. فإذا كان الأستاذ يوفر شروط التحفيز فإن الحاجة إلى محيط يوفر شروط الاستقلالية يبقى شرطا لازما.
بالنسبة ل Levesque 2006 فإن المدرس الذي يأخد بعين الاعتبار الكفايات الأولية و التجارب و المعارف و المعتقدات و الطرق التي يستعملها المتعلمون، يكفي لمنحهم الانطباع بأن وجهات نظرهم تم أخدها بعين الاعتبار. و في الاتجاه المعاكس يمكن لهذه الحاجيات أن تصبح ملغومة عندما تظهر الوضعيات التعليمية المكافأة أو التهديد بشكل إشراطي. و أوضح “كوسز و ريان1999 بأن التحفيز يتناقص عند تلاميذ الابتدائي و الإعدادي عندما تكثر الاختبارات و الامتحانات و المكافآت، على عكس السياقات التي تمكن المتعلمين من الاختيار فيزداد الإحساس بالاستقلالية و العزيمة-الذاتية و بالتالي يرتفع منسوب جودة التعلمات المدرسية و ديمومتها.
نستنتج إذن من هذه الدراسات بأن السياقات التي تتيح التعلمات هي التي تنمي التحفيز الداخلي la motivation intrinsèque. كما أوضحت الدراسات بأن تزايد منسوب التحفيز الداخلي يرفع جودة التعلمات و ديمومتها.
الذاكرة و التعلمات أية علاقة؟
لن يكون لتعلم معلومة أي أهمية إذا لم نستطع إعادة استعمالها لاحقا. فإذا كنت تتعلم استعدادا لامتحان فإن الطاقة و الجهد اللذين تبدلهما لا يمكن تقييمهما إلا من خلال ثمار نتائج الامتحان. و لتحقيق هذا الهدف تبرز أهمية ثلاثة سيرورات هي : التشفير l’encodage و التخزين le stockage و الاسترجاعla récupération باعتبارها الميكانيزمات الأساسية لعمل الذاكرة. فإذا اختل عمل إحدى هذه السيرورات فإن مصير المعلومات هو النسيان. و قد تواجه يوم الامتحان صعوبات تجعلك تدرك أن عملية التشفير لم تكن كافية أو أنك لم تكرر المعلومات بالشكل الكافي لتخزينها.
و رغم هذه الأهمية فلا يكفي أن تشتغل هذه السيرورات جيدا لنضمن العمل الجيد للذاكرة، لذى يجب أن نحرص على التعلم المستدام لتجنب النسيان و تدبير المجهودات لتحقيق الأهداف البعيدة.
التعلم المستدام :
عادة ما نعتبر أن الشخص الذي يملك ذاكرة جيدة هو ذلك الذي يخزن أكبر عدد من المعلومات في فترة وجيزة، لكن السؤال الحارق يقترن بآليات ضمان جودة التعلمات . فحسب فرضية الزمن الكلي ل (Begelski 1962) فإن الزمن الضروري لتعلم كمٍّ من المعلومات ثابت يتغير بدلالة الزمن، أي أن هناك علاقة خطية بين عدد المعلومات التي نتعلمها و الزمن الذي نخصصه للتعلم.
و لكن لا يمكن الجزم بهذه العلاقة الخطية لاختلاف متغير نوع المعلومة المعنية بالتعلم و الاستراتيجية المعتمدة و منسوب التركيز في لحظة التعلم…. و بالتالي فإن الأمر لا يتعلق حصرا بهذه العلاقة الخطية، ولكن يجب تحديد وثيرة التعلم التقديرية.
…. إذن من الأيسر حفظ معلومات إذا وزعناها على مراحل لأن ذلك سيتيح للمتعلم المقارنة بين المقاطع و ينتهي بتشفير جيد للتمثلاث على مستوى عالي. و رغم ذاك فتوزيع التعلمات غير كاف لتكون جيدة بل يجب العودة إلى هذه التعلمات (المراجعة أو التكرار).
فمن الأفضل تخصيص وقت قصير لمادة و مراجعتها، عوض تخصيص وقت طويل لها دون المراجعة.
و لتجاوز هذه العقبة السيكولوجية يجب مزاوجة التعلم الموزع ” Espacé” مع طريقة تبدو ناجعة. يتعلق الأمر بأثر التوليد”effet de génération” لأن الكلمة عندما نولدها يسهل علينا تذكرها بالمقارنة مع كلمة نتلقاها بدون مجهود. كأن نطلب مثلا من المتعلم أن يأتي بالضد (بارد#…..).
و قد اقتُرحت عدة فرضيات للفت الانتباه إلى أثر المجهود الذهني معتبرة أن توليد المعلومة أفضل من قراءتها أثناء التشفير l’encodage.
لكن Mc Curdy 2020 اعتبر أن فرضية المجهود الذهني غير كافية مقترحا الارتكان إلى نظرية أكثر إقناعا هي نظرية تعدد العوامل “multifactorielle “. و حسب هذه النظرية فإن توليد الكلمة ينمي عمل الذاكرة من خلال آليتين:
1: المعالجة المتزايدة الخاصة بالمثير (item) ، أي معالجة مميزات هذا المثير في علاقته مع مثيرات أخرى.
2.معالجة علاقاتية (العلاقة التي تربط المؤشر و الهدف كأن نستعرض مؤشرات البرودة إذا كانت هاته الأخيرة هي الهدف).
و إن كانت هذه النظرية هي الأكثر إقناعا لكنها تظل غير قادرة على شرح الموضوع في شموليتها، لأجل ذلك لا يمكن استبعاد نظرية” التنشيط الدلالي” Mcelroy 1982″ و تُضيف هذه النظرية بُعد التمثيل الدلالي للمعلومة و إعطاءها معنى في الذاكرة………
تحسين سرعة عمل الذاكرة.:
قد تكون من أولئك الذي يُسَطرون تحت المعلومات المهمة أو يكتبونها بلون مغاير، و تعرف هذه الطريقة ب ” effet de Restorff” و المبدأ الذي يحرك هذه الطريقة هو تمييز المعلومات المهمة للاحتفاظ بها.
و إذا أردنا التأكد من هذا المبدأ فما علينا إلا تقديم مجموعة من الكلمات لشخصين، فنطلب من الاول إيجاد العلاقة التي تجمع بين عناصر المجموعة و من الثاني البحث عن خصائص كل كلمة. و سنجد الهدف لذى الشخص الثاني يتحقق بشكل أفضل من الشخص الأول.
بالنسبة ل” Eysnck 1979 ” يمكن تفسير التأثير التمييزي بعامل الاقران بين المعلومة المتوفرة في لحظة الاسترجاع و بين تلك التي تم تخزينها، و يرجع ذلك إلى التأثير الخاص للتشفير، و يقوم هذا التأثير على علاقة المعلومة المخزنة بسياقها كالبيئة و الحالة الانفعالية أو اليقضة المعرفية باعتبارها مؤشرات للاسترجاع عند الحاجة.
في الحقيقة هذه طريقة بين طرق أخرى ناجعة يمكن اعتمادها لتحسين سرعة التعلم. و تجتمع كل هذه الاستراتيجيات المرتبطة بتقنيات تحسين عمل الذاكرة على ثلاثة مميزات مشتركة.
أولا : ينبغي أن يكون للتشفير دلالة و معنى بالنسبة للمتعلم لأجل ذلك يجب أن تكون المعلومة مفهومة عند المتعلم.
ثانيا: تخزين المعلومات بمؤشراتها لتسهيل استرجاعها.
ثالثا: الممارسة المكثفة لهذه الاستراتيجية تسمح للسيرورة المعنية بالتشفير و الاسترجاع بالعمل أكثر فأكثر بشكل أسرع.