العلوم العصبية المعرفية في القسم المدرسي 2:
: Les neuromythes
المعتقدات المغلوطة حول وظيفة الدماغ.
Les neurosciences cognitives dans la classe.
Préface :d Olivier houdé:
P:72-73-74-75-76-77-78-79-80-81
ترجمة يوسف العزوزي
التصدي للمعتقدات المغلوطة حول وظيفة الدماغ ضرورية للصرامة الفكرية:
يمكن لأي شخص أن يكوِن رأيا مجانبا للحقيقة العلمية حول وظيفة الدماغ بسبب ملاحظات يطبعها التسرع و تعززها الإشاعة ووسائل الإعلام، لتنتهي كمعتقدات مغلوطة يغديها التواصل اليومي الذي قد يمتد إلى قاعات الأستاذة.
إذن يجب التحلي بالصرامة اللازمة للتصدي لهذه التمثلات، خصوصا إذاكانت تؤثر على الممارسات البيداغوجية.
المعتقدات المغلوطة حول وظيفة الدماغ، المصدر و الإغراء:
تساهم عدة عوامل في ولادة و نمو المعتقدات المغلوطة، التي يمكن لأي كان أن يكون ضحية أو مصدرا لها. ففي كل المجالات تتميز المعرفة التي نكونها حول موضوع ما، بكونها جزئية parcielle و عشوائية partiale ، جزئية بالنسبة لأولئك الذين يكونون تصورا مجتزءا حول موضوع ما، و عشوائية بالنسبة للذين يدعمون كل تفسير ينسجم مع رأيهم الشخصي.
و قد تساهم وسائل الإعلام في هذه الصيرورة لأن موضوع العلوم العصبية يكتسي أهمية تغري بالمتابعة.
نماذج من المعتقدات المغلوطة حول وظيفة الدماغ:
لذي ذاكرة جيدة أو سيئة، أفقد الذاكرة:
كم مرة سمعنا هذه الجمل… هل تعتقد أن كل شخص مصاب بمرض الزهايمر لا يعرف ركوب دراجته؟ ، أو الجلوس على مقعده،؟ و هل يمكن أن تجد شخصا يعاني من صعوبة(التعرف على الوجوه) “prosopagnoisié” لم يعد قادرا على قراءة نص؟
تتعد مناطق القشرة الدماغية المسؤولة عن تخزين المعلومات بتعدد تخصصاتها.و نحن أمام ذاكرات أو ذواكر بصيغة الجمع.
فعلا يمكن لعمل لبعض ذواكرنا أن يزداد أو ينقص، لكن بالتأكيد ليس كلها. و بالتالي لا يمكن أن نتحدث عن ذاكرة سيئة و ذاكرة جيدة بصيغة المفرد.
ترديد قصيدة شعرية عدة مرات لأجل حفظها عن ظهر قلب:
أظهرت عدة دراسات أن تكرار المعلومة عدة مرات في زمن قصير من أجل حفظها مجهود لا فائدة منه حتى و إن كان مسبوقا بالفهم. و الأصح هو أن تكون الإعادة متفرقة في الزمن.
فالتكرار المكثف لتخزين معلومات قصد استحضارها غير ناجع و لا يسمح بالاحتفاظ بها على المدى الطويل.
خطورة الثقة في العلوم الزائفة..Les pseudo sciences
تشكل العلوم الزائفة مصدرا للمعتقدات المغلوطة حول وظيفة الدماغ، لأنها تفسر الظواهر المعقدة بدلائل مُبسطة و سطحية، مُستمَدة من الحدس السريع الغير الخاضع للسلطة العلمية و الدراسة المعمقة، بل للملاحظة العشوائية البعيدة عن المنهج التجريبي و الاختبارات الإحصائية.
و في بعض الأحيان قد يفصل خيط ناعم بين العلوم الزائفة و العلوم، خصوصا إذا تعلق الأمر بالدماغ الذي تتشكل حوله الآراء بشكل متسرع.. فمزيدا من الصارمة.
تنمية الذاكرة بحفظ المعلقات الشعرية :
هكذا فكر المعلمون الأقدمون في المدارس الابتدائية معتقدين أن الذاكرة عضلة واحدة يمَكن تمرينها من استيعاب كل المعارف، في حين أن وظيفة الذواكر (بصيغة الجمع) أكثر تعقيدا نظرا لتعدد اختصاصات كل منها على مستوى : الدلالة، الكلمة، الوجوه، الألوان، المعاني… و هي (الذواكر) تستوعب المعلومات بشكل انتقائي بدلالة طبيعتها،. و بالتالي فإن تمرين حفظ المعلقات الشعرية ليس وسيلة لاستيعاب القواعد الرياضية و تطبيقها، إلا أن ذلك يمكن أن يجعل منك بطلا في حفظ أكبر عدد من القصائد الشعرية.
الدماغ الأيسر، الدماغ الأيمن:
يندرج تأويل التصور النصف كروي للدماغ الشائع ضمن المعتقدات المغلوطة حول وظيفة الدماغ، كأن يقول البعض أن الدماغ الأيسر مسؤول عن العقلانية و التحليل و المهام الرياضية و المنطق، في حين أن الدماغ الأيمن يهم الانفعالات و الإبداع و الحدس.
إلا أن المقاربة البيولوجية _لأن الأمر يتعلق بتفيء الأفراد اعتمادا على وظائف الدماغ الأيسر و الأيمن_تكذب هذا الطرح. لأن الكفايات التي تسمح بتقييم هذه المؤهلات غير ذات علاقة واضحة بالنصف الأيمن أو الأيسر للدماغ، و بالتالي فإن هذا الاستنتاج مغلوط.
بصري، سمعي، حركي. :
عمر هذا المعتقد المغلوط حول وظيفة الدماغ طويلا رغم عدم وجود أي دراسة تدعم تصنيف التلاميذ وفق هذه الفئات الثلاثة، و على العكس من ذلك يمتلك ” السمعيون” قدرة كبيرة على إدراك الأشكال و الصور، من دونها لا يمكن التعرف على الوجوه و الأشياء و المسارات و الكلمات أثناء القراءة.
و بناءا على نتائج الأبحاث العلمية الراهنة لا جديد يسمح بالقول بأن الصيغة المفضلة للتلميذ (بصري، سمعي، حركي) تقود إلى نجاعة أقوى.
إذن يمكن أن نقبل بتفضيلات صيغ التعلم كنتيجة لتجربة فردية في الحياة دون أن نسجن التلاميذ ضمن فئات بعينها، و نسمح لهم بالمقابل بتنمية كل قدراتهم.
بالإرادة يمكن أن ننسى :
يمكن أن نغير “رد فعل” مشين، لكن من غير المعقول أن نعتقد بإمكانية شطب معارف مكتسبة من الذاكرة بالإرادة.
أتعلم إذن أحفظ :
يهدف كل تعلم إلى اكتساب معارف جديدة، تغيير عادات. و عكس الانطباع السائد بأن هذا الاكتساب يتقرر نهائيا في المرة الأولى، لأن المعنى بالتعلم ينتبه بعد ساعات أو أيام.. إلى صعوبة الاستحضار، لأن النسيان طبيعي و مستمر، فالمعالجة على مستوى ذاكرة العمل لا تكفي للاحتفاظ بالمكتسب في الذاكرة البعيدة المدى، و يجدر بالمُكتسِب العمل على التثبيت ثم التثبيث من خلال استراتيجية التكرار… لذا يجب إقناع التلميذ بالمقولة الآتية” اتعلم في المرة الأولى، سأنسى..”.
أتذكر… يقول إنشتاين:”لا…أعتقد أنني أتذكر“.
إذا كان إنشتاين فعلا هو صاحب هذه المقولة فإنه فهم بأن الوفاء ليس من طبع الذكريات، فالذكرى نتيجة لتجميع عدة عناصر لا يمكن أن تحافظ على طبيعتها مع مرور الزمن.
إذ أثبتت الدراسة أن أثر ذكرى حدث تم سرده مباشرة بعد وقوعه مرة واحدة ، تختلف عن أثر نفس الحدث تمت إعادة سرده عدة مرات على امتداد زمن طويل. إذن لا يجب أن نثق كثيرا في صدقية ذكرياتنا و لا ذكريات الآخرين.
الذكور أفضل من الإناث في الرياضيات:
من المعتقدات المغلوطة التي يمكن أن تكلف مستقبل المجتمع كله و تحد من عظمة الرياضيات المؤنثة التي نحتاج إليها.
و قد حطمت دراسات سوسيولوجية و علمية هذا المعتقد المغلوط. فالعلاقة الجدلية بين مكانة المرأة في دول مختلفة الثقافات و تناسبه مع تواجدها في الشعب العلمية تشهد بذلك.
فالأجيال التي تغيرت ثقافة مجتمعها مكنت المتعلمات من تقليص المسافة التي سبقهم فيها المتعلمون في مادة الرياضيات. و ساهمت هذه الدراسة في تغيير تمثل هذا التصور النمطي للمجتمع.
لا تخلط بين تعلمين في نفس الآن:
عندما تعتزم إنجاز تعلم إنجاز مسألتين مختلفتين، فهل تفضل ما تمليه البداهة أي أن تبدأ بالموضوع الأول كاملا حتى تنهيه ثم تنتقل إلى الموضوع الثاني تلافيها لأي خلط في المفاهيم و الإجراءات أو تفضل المزاوجة في إنجاز الموضوعين في نفس الآن.
“الغريب” أن التعلم المختلط أكثر نجاعة من التعلم بالتوالي، لأن الاحتفاظ بالموضوعين يتميز بأهمية الجهد الانتباهي المُعبأ قصد الانتقال بين الأول. الثاني يساعد على الاحتفاظ بهما على المدى البعيد.
أنا أقوم بعدة مهام في نفس الآن (المهام الواعية) :
قد تعتقد أنك متعدد المهام لأنك تمتلك القدرة على الكلام و أنت تمشي، أو تقود السيارة و أنت تتحدث مع مرافقك، لكن هذا الانطباع خاطىء لأن أحد هذه المهام تتم بشكل آلي “automatisé” (المشي، السياقة،…) لكن بمجرد الانخراط في مهمتين واعيتين فإن كلفة إحداهما تكون على حساب الأخرى، خصوصا إذا كانت المهمتين تستلزمان التفكير.
فتوزيع الموارد الانتباهية على عدة مهام متزامنة أمر صعب،. و قد تكون أي محاولة للإنجاز بهذا الشكل على حساب الجودة.
نستعمل 10٪من دماغنا:
هل تؤدي كل عصبونات الدماغ خدمات؟ الإجابة بالتأكيد هي نعم، لكن ليست كلها نشيطة، فعندما نتابع نشاط الدماغ في حالة راحة باستعمال تصوير الرنين المغناطيسي الوظيفي، تظهر شبكة من الباحات في حالة نشاط، و بالتالي فإن المعتقد المغلوط المنسوب إلى إينشتاين كونه استعمل فقط 10٪ فقط من رأس ماله العصبوني لا يعتمد على أي دليل.
الازدواج اللغوي يعوق نمو القدرات اللغوية للطفل:
شكل الحديث عن تعلم لغتين مجالا لأفكار مغلوطة و متسرعة لأن الدماغ يشتغل حسب السن و نوع التعلم بالإضافة إلى التوازن بين الممارسة اللغوية الأسرية و اللغات الأجنبية.
و يبدو أن الاكتساب اللغوي المزدوج ينمي بعض الكفايات المعرفية لا سيما الوظائف التنفيذية ذات المستوى العالي الذي يراقب مجموع السيرورات المعرفية.
إلا ان الدراسات المتعلقة باكتساب لغة ثانية في مرحلة المراهقة محدودة،و لم تصل إلى نتائج واضحة.
النمو المعرفي… بالنهاية هنالك سقف زمني:
يقوم هذا الاعتقاد المغلوط المنتشر في الوسط الأسرى و البيداغوجي على تمثل يعتبر أن النمو المعرفي و النضج العصبي يتبع مسارا خطيا مع وجود مراحل حساسة لاكتساب بعض الكفايات. لكن الدراسات أثبتت العكس.
فالنمو المعرفي عملية دينامية تتميزب: ( التقدم و الركود و التراجع).
كما أن عملية النضج غير خطية و تتبع إيقاعات في مناطق مختلفة من الدماغ. و توجد مراحل تتميز بلدونة قوية أو ضعيفة ، يمكن للدماغ من خلالها أن يعد نفسه تبعا للتعلمات، و تصلح هذه اللذونة الدماغية في كل المراحل العمر.