سؤال الخطاب التنموي الإقليمي بين رجل السلطة و المنتخب تازة نموذجا


“….و يستلزم التحليل السياسي الجاد استحضار خطابات رنانة، سبق عرضها في نفس القاعة أعلنت قرب الشروع في تنزيل مشاريع تجاوزت الموعد المحدد لها بأزيد من 12 سنة و لم تخرج إلى حيز الوجود…حتى لا تتكرر مأساة أرض السوق الأسبوعي الذي تحول إلى تجزئة سكنية و حتى لا تتحول المنطقة الحرة إلى كعكة بعد 12 سنة قادمة “.

يوسف لعزوزي/الجُسور:  ينص دستور المملكة في الفصل 136 على تركيز “التنظيم الجهوي و الترابي على مبادئ التدبير الحر و على التعاون و التضامن، و يؤمن مشاركة السكان المعنيين في تدبير شؤونهم، و الرفع من مساهمتهم في التنمية البشرية المندجة و المستدامة”. و يسمح في الفصل 139 للمجالس الترابية بوضع” آليات تشاركية للحوار و التشاور لتيسيير مساهمة المواطنين و الجمعيات في إعداد برامج التنمية و تتبعها”.

كما تكتسي محطة اجتماع المجلس الإقليمي لوضع أسس برنامج تنموي أهمية بالغة باعتبارها، لبنة  للمرحلة المفصلية الأولى، التي تتوخى  إنزال روح الجهوية المتقدمة و ما يستتبعها من تصور تنموي  مندمج  بين الجماعات و الأقليم و الجهة . و يقضي مبدأ “ربط المسؤولية بالمحاسبة” تتبع مدى التزام الفاعل السياسي بخطابه، و  قدرته على تحقيق أهداف برامجه التنموية، كما  يفرض اتباع منهجية تمييزية بين  خطاب الفاعل السياسي المنتخب، و رجل السلطة و من يدور في فلكه من رؤساء المصالح الخارجية، على ضوء الاختصاصات الجديد لدستور 2011 و قوانينه التنظيمية.

عامل الإقليم:

  اعتبر عبد العالي الصمطي عامل إقليم تازة  اجتماع المجلس الإقليمي لوضع برنامج تنموي لتازة،  لقاءا تواصليا لإعطاء انطلاقة العمل بمخطط للتنمية الإقليمية، الذي ينبغي أن يتم إعداده في السنة الأولى لانتداب المجلس الإقليمي في إطار نوع من التراتبية و التنسيق بين الاختصاصات التي منحها المشرع للمجلس الإقليمي، و تقاطعاتها مع الدولة و الجماعات و الجهة.في هذا السياق نوه العامل بالعمل التشاركي بين مختلف هذه المؤسسات، و نبه من الانعكاسات السلبية للعمل المنفرد و المنعزل على المسار التنموي و أثره على الساكنة، مهيبا برؤساء الجماعات بالاشتغال في إطار التنسيق مع السلطة الإٌقليمية ، و عبر عن أتم الاستعداد لعقد اجتماعات لتكوين لجنة تهتم بالاشتغال على التداخلات بين الجماعات الترابية و المجلس الإقليمي و مجلس الجهة،  مستحضرا نموذج المسالك الطرقية التي تربط جماعات أكثر من إقليم ، برامج محاربة الفقر و الهشاشة،و تشخيص الحاجيات في عدد من القطاعات ذات البعد الاجتماعي، ليكون الوقع الاقتصادي و الاجتماعي واضحا على الساكنة  بالوسطين الحضري و  القروي، كما نوه  الصمطي بالمجهودات الجبارة التي تم بدلها سابقا على مستوى المبادرة الوطنية للتنمية البشرية و التعليم و الصحة .

و حري بالذكر أن عامل الإقليم عقد مباشرة بعد هذا اللقاء سلسلة اجتماعات،  أهمها ذاك الذي جمعه مع ممثلي الوكالة الحضرية، و سعى من خلالها إلى التدقيق في كل المشاريع المعطلة.

رئيس المجلس الإقليمي:

 من جهته اعتبر عبد الواحد المسعودي رئيس المجلس الإقليمي، مبادرة الاجتماع مشتركة  مع عامل الإقليم ، في سياق حدده في  ثلاثة نقط، يتعلق أولها بالجانب القانوني التنظيمي 112\14 الذي ينص على إعداد برنامج لتنمية الإقليم، و ثانيها بتدارك مسافة تأخر الركب التنموي التي يفصل تازة عن عدد من الأقاليم المغربية، لأن الإقليم كان في سبات عميق حسب المسعودي ، و يستلزم الأمر وضع برنامج لتأهيل الإقليم. ثالثا يأتي الاجتماع في إطار التماس زيارة ميمونة لملك البلاد، و ما يستدعي  من مجهودات جماعية لوضع مخطط تنموي يليق بالزيارة الملكية. كما  طالب المسعودي عبد الواحد من رؤساء الجماعات إعداد برامج تنموية متعلقة  بجماعاتهم، مبنية على دراسات و أرقام موضوعية، مشيرا إلى صعوبة الاستجابة لحاجيات كل الجماعات التي تدخل في صميم اختصاص هذه الأخيرة.

و أفاد المسعودي أن المخطط التنموي يشمل إنشاء منطقة حرة تمتد على مساحة ستين هكتار، بتنسيق مع بعض الوزارات المعنية  كآلية للتصدي للبطالة بالإقليم و محاربة الهشاشة، متحدثا عن تسريع إجراءات إخراج  الحي الجامعي  والمحطة الطرقية  و العناية بالمدخلين الشرقي و الغربي للمدينة و كدا إبرام ثلاث اتفاقيات مع وزير الصحة من أجل دعم المورد البشري بالمستعجلات و  دار الأمومة  وإعداد   مستشفى متنقل عبر دوائرالإقليم بالإضافة إلى مشروع متعلق بالطرق داخل الإقليم.

كما نقل رئيس المجلس الإقليمي ما دار بينه و بين ممثلين للسلطات الحكومية المركزية حول استعدادهم المستمر للتعاطي مع المشاريع الجادة بالإقليم، و قال أن مسؤولية  التأخر التنموي  بالأقاليم  ذاتية “نحن”، أي أن المنتخب لم يكن في مستوى الرهان التنموي بالإقليم.

و تدل المتابعة الأولية إلى  أن خطاب رجل السلطة متقدم على ذاك الذي استعمله المنتخبون، الذين فرقتهم المصالح  إلى شعوب و قبائل، يتحدثون  كأفراد خارج سياق المؤسسات الحزبية التي أنتجتهم، و التي تحولت في الوقت الراهن إلى حلبة صراع لإعلان الفائز بتزكية الترشيح للانتخابات البرلمانية المقبلة ، ثم تعود لسباتها العميق، بعيدا عن توجيهات الخطاب الملكي الذي ربط العمل السياسي الجاد و الهادف، بالمؤسسة الحزبية و ليس بمزاجية الأفراد.

و يستلزم التحليل السياسي الجاد استحضار سياق  لا شعور خطابات رنانة، سبق عرضها في نفس القاعة،و أعلنت قرب الشروع في تنزيل مشاريع تجاوزت الموعد المحدد لها بأزيد من 12 سنة و لم تخرج إلى حيز الوجود.

هكذا يكتسي تحميل عبد الواحد المسعودي مسؤولية تأخر إقليم تازة على عاتق المنتخبين جانبا من الواقعية، لأن من سمح للمنتخبين بالعبث في مصلحة المواطنين شريك في الجريمة.

و هكذا تبرز الحاجة إلى إعلام تحليلي تأريخي  للخطابات الرنانة، المتعلقة بتدبير الشأن العام و تتبع عملية إخراجها إلى حيز الوجود حتى لا تتكرر مأساة أرض السوق الأسبوعي التي تحولت إلى تجزئة سكنية، و حتى لا تتحول الأرض المخصصة للمنطقة الحرة إلى كعكة .